للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤٩) - ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾.

﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ معطوف على ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ في أول السُّورة وإن تباعدت بينهما المسافة لأمرٍ ما، أَمَرَ رسولَ الله أوَّلًا باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث، وساق (١) الكلام جارًّا لِمَا يلائمه (٢) مِن القَصص موصولًا بعضُه ببعضٍ، ثمَّ أمرَه باستفتائهم عن وجه القسمة الضِّيزى، حيث جعلوا لله تعالى الإناث ولأنفسهم الذُّكور في قولهم: الملائكة بنات الله، مع كراهتِهم الشَّديدة لهن، واستنكافهم من (٣) ذكرهنَّ، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨].

ولقد زادوا بذلك على الشِّرك ضلالاتٍ أُخَر: التَّجسيم، وتجويزَ الفناء على الواجب الوجود تعالى شأنه؛ لأن الولادة مخصوصة بالأجسام الكائنة الفاسدة، وتفضيلَ أنفسهم عليه تعالى حيث جعلوا أوضع الجنسينِ له وأرفعَهما (٤) لأنفسهم، واستهانتَهم بالنُّورانيِّين المقرَّبين، حيث أنَّثوهم.

ولذا (٥) كرَّر الله تعالى إنكار ذلك في كتابه العزيز مرَّاتٍ، وبيَّن فظاعتها في


(١) في (م): "وسياق".
(٢) في (ف) و (م): "جار بما يلائمه"، وفي (ك): "جار لما يلائمه"، وفي (ي): "جاريا بما يلائمه"، وكذا في (ع) لكن سقطت منها: "بما"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٥/ ١٩). وعبارة "الكشاف": (ثم ساق الكلام موصولًا بعضه ببعض).
(٣) في (م): "عن".
(٤) في (ف) و (ك): "أوضع الجنس له وأرفعه".
(٥) في (م) و (ي) و (ع): "ولهذا".