للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالَغَ في الإنكار بـ (ألَا) و (إنَّ) واللَّام وتقديمِ ﴿مِنْ إِفْكِهِمْ﴾؛ لظهور استحالته، ووضوح حجَّة التَّوحيد.

* * *

(١٥٣) - ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾.

﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ استفهامُ إنكارٍ واستبعادٍ. والاصطفاءُ: أخذُ صفوةِ الشَّيء.

وقرئ بكسر الهمزة (١)، وجوِّز أن يكون على الإخبار بإضمار القول، متعلِّقًا بقوله: ﴿لَكَاذِبُونَ﴾؛ أي: لكاذبون في قولهم: اِصطفى البنات، أو إبدالِهِ من قولهم: ﴿وَلَدَ اللَّهُ﴾ على أنَّه مِن كلام الكفرة، وبدون ذلك تلك القراءة ضعيفة جدًّا؛ لكون هذه الجملة مكتنَفةٌ بالإنكار من جانبيها (٢)، واقتضاءِ المقام اختصاصَها بزيادة الإنكار؛ لأنَّه بالغَ في إنكار الولادة، فاقتضى الحال أن يقول: خصوصًا الإناث، فمَن جعلها للإثبات أوقعها دخيلةً بين نسيبين (٣)، ونَثَرَ (٤) نظمَ الكلام.


(١) قرأ أبو جعفر بوصل الهمزة على لفظ الخبر، فيبتدئ بهمزة مكسورة. واختلف عن ورش، فروى الأصبهاني عنه كذلك، وهي رواية إسماعيل بن جعفر بن نافع، وروى عنه الأزرق بقطع الهمزة على لفظ الاستفهام، وكذلك قرأ الباقون. انظر: "النشر" (٢/ ٣٦٠).
(٢) في النسخ: "من جانبها"، والمثبت من "الكشاف" (٤/ ٦٤)، وبين الجانبين بقوله: وذلك قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.
(٣) يعني: قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ كلام الله تعالى على سبيل الإنكار، فلو جعل ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ إخباريا لكان من كلام الكفار فيختل النظم. انظر: "فتوح الغيب" (١٣/ ٢٠٩).
(٤) في (م): "ويزين"، وسقطت من (ف)، والمثبت من باقي النسخ، وقد استدركت في (ك) على =