للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿زُلْفَةً﴾ نَصبٌ عَلى الحَالِ؛ أي: ذا زُلفةٍ؛ أي: قرُبَ مِنهم، أو على الظَّرفِ؛ أي: مَكانًا ذا زُلفةٍ، أي: فلمَّا رأوا ما وُعدَ قَريبًا.

﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مِن بابِ وَضعِ الظَّاهرِ مَوضِعَ الضَّميرِ، وأصلُ النَّظمِ (١) أن يُقالَ: فلمَّا رَأى الَّذِينَ كَفرُوا المَوعُودَ سَاءتْ رُؤيتُه (٢) وُجوهَهم، فغُيِّرَ إلى ما تَرى للذَّمِّ والإيذانِ بأنَّ سَببَ المُساءةِ والكآبةِ برُؤيةِ الوَعيدِ إنَّما هو الكُفرُ، وكذلك قولُه تعالى: ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾ في مَوضعِ: فمَن يُجيرُكمْ.

﴿وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾: تَفتَعلُونَ، مِن الدُّعاءِ، وقيل: مِن الدَّعوَى.

وقُرِئ: ﴿تَدَّعُونَ﴾ بالتَّخفِيفِ (٣).

قِيل: القَائلونُ هُم الزَّبانيَةُ، أي: تَطلُبونَ وتَستَعجِلونَ به، أو كُنتمْ بسَببهِ تَدَّعون وتَزعُمونَ أنَّكم لا تُبعَثونَ.

* * *

(٢٨) - ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ﴾: أمَاتَني ﴿وَمَنْ مَعِيَ﴾ مِن المُؤمِنينَ ﴿أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ لا يُنجِيهم أحَدٌ مِن العذابِ مُتنا أو بَقِينا، وهو جَوابٌ قولهم: ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [الطور: ٣٠].

وفيهِ تَعرِيضٌ بأنَّ الرَّسولَ ومَن معه مُتربِّصون إحدى


(١) في (ك): "إذ حقه" بدل: "وأصل النظم".
(٢) في "ب": "وساءت رؤية"، وفي (ي): "وساءت رؤيته".
(٣) قراءة يعقوب من العشرة، والباقون بالفتح والتشديد، انظر: "النشر" (٢/ ٣٨٩).