للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بينَهما (١) مِن المَسافةِ كُلِّها، وتَنشطُ مِن بُرجٍ إلى بُرجٍ، مِن نَشطَ الثَّورُ: إذا خَرجَ مِن بَلدٍ إلى بَلدٍ، ويَسبحُونَ في الفُلكِ فيَسبقُ بعضُها في السَّيرِ لكَونهِ أسرَعَ حركةً، فتدبِّر أمرًا نِيطَ بها: مِن اختِلافِ الفُصولِ، وتَقديرِ الأوقَاتِ.

ولمَّا كان في الحَركةِ الأُولى مَعنَى الاستِيفاءِ (٢) ذُكرَ فيها النَّزعُ والإغراقُ، ومَن وَهَمَ أنَّ ذَلكَ لأنَّها قَسريةٌ فقَد وَهِمَ، لا يُقالُ: تَسامحَ في عِبارةِ القَسريَّةِ، فإنَّ المُرادَ معنَى العرَضيَّةِ؛ لأنَّ حَركاتِ النُّجومِ كلِّها عَرضيَّةٌ.

* * *

(٦) - ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾.

﴿يَوْمَ﴾: مَنصُوبٌ بالجَوابِ المُضمَرِ (٣)، وهُو: لتُبعثُنَّ (٤)؛ لدِلالةِ ما بَعدهُ عَليهِ (٥).

﴿تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ الرَّجفُ: حَركةُ الشَّيءِ مِن تَحتِ غَيرهِ بترديدٍ واضْطرابٍ.


(١) في (ب): "فتقطع ما بينها".
(٢) في (ع): "الاستبقاء".
(٣) في (ع): "بجواب مضمر".
(٤) في (ب): "تبعثن". وقد اختلف العلماء في جواب القسم، فقدره بعض نحاة الكوفة: لتبعثن ولتحاسبن، وقال بعض نحاة البصرة: هو قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير تقديره: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ … ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾. انظر: "تفسير الثعلبي" (١٠/ ١٢٤).
(٥) قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جعلت (يَوْمَ تَرْجُفُ) ظرفًا للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟ قلت: المعنى: لتبعثنّ في الوقت الواسع الذي يقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. ودلّ على ذلك أنّ قوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ جعل حالًا عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ بما دلّ عليه ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾؛ أي: يوم ترجف وجفت القلوب. انظر: "الكشاف" (٤/ ٦٩٣).