للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِن صناديد قريش يوم بدرٍ مَن قُتل، جمَعَهم في قَليب، ثم أقبل يخاطبُهم بقوله: "هل وجدتُم ما وعد ربُّكم حقًا، فإني وجدتُ ما وعدني ربِّي حقًّا؟ " فقيل له : أتخاطبُ جيَفًا؟! فقال: "ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يقدرون على الجواب" (١) = دلالة على أن الأرواح مطلقًا جواهرُ قائمة بأنفسها درَّاكةٌ مغايرةٌ لمَا يحسُّ من البدن، تبقى بعد الموت درَّاكةً، وعليه جمهورُ الصحابة والتابعين، وبه نطقتِ الآيات والآثار، وعلى هذا فتخصيصُ الشهداء بالذكر لاختصاصهم بمزيد الزُّلفى (٢).

(١٥٥) - ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ مجازٌ إذ البلاءُ معيارٌ كالمحكِّ يظهر به جوهرُ النفس: هل تصبر وتثبت؟ أي: نصيبنكم (٣) بمكروهٍ إصابةً تشبه فعلَ المختبِر.

﴿بِشَيْءٍ﴾ إيراد (شيء) وتنكيرُه (٤) تعليل لمَا ابتلانا به؛ ليُؤذِنَ أنَّ كلَّ بلاءٍ أصاب الإنسان وإنْ جلَّ ففوقَه ما يَقِلُّ هو بالنسبة إليه، وليخفِّف (٥) عليهم ويريَهم أن رحمته معهم في كلِّ حالٍ لا تزايلهم حتى في حال البلاء، فلو عرفوا ذلك


(١) رواه البخاري (١٣٧٠) من حديث ابن عمر ، ومسلم (٢٨٧٤) من حديث أنس .
(٢) في هامش "ح" و"د" و"ف": (أي: خصهم بالحياة لأن من ليس كذلك لم تكن حياته معتدًّا بها، فكأنه ليس بحي. منه).
(٣) في "ك": (نصيبكم).
(٤) في "ك": (مع تنكيره).
(٥) في "م": (ليخفف).