للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ﴾ إقرار على أنفسنا بالملك.

﴿وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ إقرار على أنفسنا بالهلك (١)، وليس الصبر بالاسترجاع باللسان فقط، بل لا بد معه من الإذعان بالجَنان.

* * *

(١٥٧) -) ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

والمبشَّر به محذوفٌ دلَّ عليه قولُه تعالى:

﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ الصلاة في الأصل: الدعاء، ومن الله: إفاضةُ الكمالات والسعادات، فهي من باب التَّحلية، كما أن السلام وهو التطهيرُ والتجريد من باب التزكية والتَّخلية، وجمعُها للتنبيهِ على كثرتها وتنوُّعها، والمرادُ بالرحمة: اللُّطفُ والإحسان.

﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ للحقِّ والصواب، حيث استرجَعوا واستسلَموا لقضاء الله تعالى.

عظَّم الله تعالى الصبرَ بوجوه: بالبشارة العامة، وبقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ بعد وَصْفهم بما وَصفهم؛ إشعارًا بأن ذلك الوصفَ يوجب هذه الكرامةَ المذكورة بعده، وبتكريرِ (أولئك)، وبتقديم ﴿عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: عليهم خاصةً، وبتنكير ﴿صَلَوَاتٌ﴾ وجمعِه؛ أي: إمداد رأفاتٍ متصلةٍ متتالية، وتنويراتٍ لا يُعْرَف كُنْهُها ولا يُقْدَر قَدْرُها، وبتقييدها بقوله: ﴿مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ أيةُ رحمةٍ، وبتوسيط (هم)، وتعريفِ المهتدين بلامِ الماهية.

* * *


(١) في "ك" و"م": (بالهلاك).