للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾؛ أي: صرَّفها الله تعالى، أو صرَّفها السحاب من جهة إلى أخرى.

﴿وَالسَّحَابِ﴾ السَّحْب: جرُّ الثوب، والسحاب: ما يجرُّه الريح.

﴿الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ يعني: الرياحُ تقلِّبه في الجو بمشيئةِ الله تعالى يُمطر حيث يشاء، يرشدك إلى هذا ذكرُه عَقيب تصريف الرياح، ولولا ذلك لكان حقَّه أنْ يُذكر قبل قوله: ﴿وَمَا أَنْزَلَ﴾.

وأما ما قيل: لا ينزل ولا ينقشع، مع أن الطبع يقتضي أحدهما، منظورٌ فيه؛ لأن بعض المركَّبات لا يرسب في الماء، ولا يخرج منه، ولا يتغير حاله، فلمَ لا يجوز أن يكون بعضُ كائنات الجوِّ شأنُه كذلك.

والتسخير: القهرُ على الفعل، وهو أبلغُ من الإكراه، فإنه حمل الغير على الفعل بلا إرادةٍ منه؛ كحمل الرَّحى على الطَّحن.

﴿لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يَنظرون بعيون عقولهم ويعتبرون، وفيه تعريضٌ لجهل المشركين الذين اقترحوا (١) على الرسول آيةً في صدق قوله: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ إلخ؛ إذ لو عقلوا لكفاهم بهذه التصاريف آيةً.

* * *

(١٦٥) - ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾.

﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ لا يخفى على الخبير ما في هذا التعبير من التحقير.


(١) في "ف": (افترضوا).