﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ الضمير للناس على طريقةِ الالتفات، والسرُّ فيه أنهم وقعوا في حدِّ البعد والغيبة في طاعة الشيطان، وأنهم في غايةِ الحُمق والضلال إلى حدٍّ لا يتسأهلون للخطاب؛ إذ لا ضلالَ أضلُّ من المقلِّد للباطل؛ كأنه يقول للعقلاء: انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يجيبون الداعيَ.
﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ في عبارة: ﴿مَا أَنْزَلَ﴾ إشارة إلى وجه وجوب الاتِّباع.
﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا﴾ ما وجدنا ﴿عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ لأنهم كانوا خيرًا منَّا.
نزلت في المشركين؛ أُمروا باتِّباع القرآن وسائرِ ما أنزل الله تعالى من الحُجج والآيات، فجَنَحوا إلى التقليد.
والهمزة في: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ﴾ للردِّ والتعجيب، والواوُ للحال؛ أي: أيتَّبعونهم ولو كان آباؤهم ﴿لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا﴾ جهلةً لا يتفكرون في أمر الدِّين ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ إلى الحق.
(لو) في مثل هذا التركيبِ يجيءُ تنبيهًا على أنَّ ما بعدها غيرُ مناسبٍ لِمَا قبلها؛ كما في قوله:"أعطوا السائل ولو جاء على فرس"(١)، والمعنى: على كلِّ
(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٩٦) عن زيد بن أسلم عن النبي ﷺ. ورواه أبو داود (١٦٦٥) و (١٦٦٦) من حديث الحسين بن علي ﵄ ومن حديث علي ﵁،=