للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ مُوصٍ جَنَفًا﴾ ميلًا عن الحقِّ.

﴿أَوْ إِثْمًا﴾ تعمُّدًا للجَنَف، قال الربيع: الجنفُ في الخطأ، والإثمُ في العمد (١).

﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾؛ أي: بين الموصَى لهم وهم الوالدان والأقربون، أو بين الموصَى لهم والورثةِ، بردِّهم إلى الحق، وجاز إضمارُهم لانفهامِهم من سياق الكلام بمعونةِ المَقام.

قال الرَّاغب: ولا فرقَ بين أن يَخاف منه ذلك قبل موت الموصِي فيرشدَه، أو بعد موته فيصلحَه، وليس الإصلاحُ بمقصورٍ على إيقاع الصُّلح دون استعمالِ الصلاح، بل يتناولُهما (٢).

﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾؛ أي: على المبدِّل حينئذٍ؛ لأنَّه تبديلُ باطلٍ بحقٍّ، وإنما قال هذا لأنَّه لمَّا خوَّف في الآية الأولى من تغيير الوصية بيَّن أن النَّهي عن تغييره (٣) فيما لا جَنَف (٤) ولا إثم فيه، فأمَّا إذا كان فيه شيءٌ من ذلك فلا شيءَ في تغييره.

ولمَّا كان ما تَضمَّنه الكلام السابق من الوعيد باعتبارِ إحاطته تعالى بالظواهر والسرائر عِلْمًا ناسَبَ أن يرتَّب عليه ما في هذا الكلام من الوعد (٥) لمَن قَصَد بتغيير الوصية الصلاحَ (٦)، فصدَّره بأداة الترتيب، وبيَّن بقوله:


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ١٥١) بلفظ: (الجنف الخطأ، والإثم العمد).
(٢) انظر: "تفسير الراغب" (١/ ٣٨٤).
(٣) في (ك) و (م): "تغيير".
(٤) في (د): "حيف"، وفي (ح): "خيف".
(٥) في (ف) و (ك): "من الوعيد".
(٦) في هامش (ح) و (د) و (ف) و (م): "ومن غفل عن هذا قال ما قال. منه".