للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكلام عمياء وتاه في تيهاء، فقد تخيل أن القراء أئمةَ الوجوه السبعة اختار كلٌّ منهم حرفًا قرأ به اجتهادًا لا نقلًا وسماعًا كما ذهب إليه بعض الجهَلة، فلذلك غلَّط ابن عامر في قراءته هذه وأخذ يبيِّن منشأَ غلطه، وهذا غلط صريح يُخشى منه الكفر والعياذ بالله تعالى، فإن القراءات السبعةَ متواترةٌ جملةً وتفصيلًا عن أفصح مَن نطق بالضاد ، فتغليطُ شيء منها في معنى تغليط رسول الله ، بل تغليطِ الله ﷿، نعوذ بالله سبحانه من ذلك.

قلت: والعجب من البيضاوي على إمامته تأثر بما ذهب إليه الزمخشري، فقال متابعًا له - كما ذكر الشهاب - في تضعيف هذه القراءة: وهو ضعيف في العربية معدود من ضرورات الشعر.

ومن تعقباته على الزمخشري ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ﴾ [البقرة: ١٢٦]، حيث قال: (وقرئ: (فأطَّرُّه) بإدغام الضاد في الطاء؛ كما قالوا: اطَّجَعَ، نقل سيببويه عن بعض العرب: مطَّجعًا، في مُضْطَجعٍ، وقال: ومضطجع أكثر. فدلَّ على أن (مطَّجعًا) كثير، فلا يكون لغةً مرذولةً).

وفيه رد على الزمخشري في قوله: هي لغة مرذولة.

كما رد عليه في طعنه بقراءة حمزة: ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ بالجر، فقال: (وقرئ بالجر عطفًا على الضمير المجرور، وما ذهب إليه البصريون من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ، والضعفِ في إضماره، يردُّه هذه القراءةُ الثابتة بالتواتر، فإنها مما يُحتج به لا مما يُحتج عليه، إلا عند مَن لا اعتماد له على القراءات الثابتة ولا اعتداد لزعمه الفاسد).

<<  <  ج:
ص:  >  >>