للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا كلُّه بحسب جليلِ النظر، والذي بحسَب دقيقِه هو أنه لا بد مِن ذكر الدَّين ليتعلَّق الجارُّ به، فإنه لو لم يذكر لفُهم تعلُّقه بالتدايُن، ولا وجه له فإنَّ المبايعةَ إلى أَجَلٍ غيرُ مشروعة (١).

﴿مُسَمًّى﴾ معلومٍ موقَّتٍ بالسَّنة والشهور والأيام المعيَّنة، لا بالحصاد والدِّيَاس وقدوم الحاجِّ ونحوِ ذلك مما لا يتعيَّن.

﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ نبَّه على انقسام الدَّين إلى حالِّ ومؤجَّلٍ، وأمر بكتابة المؤجَّل على سبيل الندب والإرشاد؛ لأنَّه أوثق وآمَنُ من النسيان، وأبعدُ من الجحود.

وعن ابن عباس : أن المراد به السَّلَمُ، وقال: لمَّا حرَّم اللّه الرِّبا أباح السَّلَم. وسيأتي ما يتعلَّق بهذا المقام من الكلام.

﴿وَلْيَكْتُبْ﴾ قيَّده بقوله: ﴿بَيْنَكُمْ﴾ ليكون أبعدَ عن الاشتباه والتهمةِ.

والتنكيرُ في ﴿كَاتِبٌ﴾ للتنبيه على أن المعتبَر كونُ الكتابة على الوجه (٢) المعهود، لا كونُ الكاتب معهوداً، ولهذا قيَّدها بقوله: ﴿بِالْعَدْلِ﴾.

وأطلق الكاتب، أي: وليَكْتب بالتَّسوية والاحتياط لا يَزيد على ما يجب ولا يَنقُص عنه، وهذا يدل اقتضاءً على أن الكاتب يجب أن يكون فقيهاً عالماً بالشروط حتى يكون مكتوبه معدَّلاً بالشرع، فيحصل ما هو المقصود من الكلام على تقديرِ تعلُّق القيدِ المذكور بالكاتب، وأمَّا الذي ذكرناه فيَفوت حينئذ، فالراجح تعلُّقه بالفعل.


(١) في (ف) و (ك) و (م): "مشروع".
(٢) في (ك) و (م): "وجه ".