للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبل الانتساخ فقد اهتدى (١) وإن لم يكن من بني إسرائيل (٢)، على أن كونهما هدايةً إلى أصول الدين لا يختص ولا يَقبل النسخ، ولهذا قال الله تعالى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠].

﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ رابع الكتب الأربعة وهو الزبور؛ لأن الظاهرَ من العطف خصوصًا مع إعادة لفظِ (أَنزل) التغايرُ بالذات.

وإنما خُصَّ بعبارة الفرقان جبراً للنقصان المتوهَّم من جهة تأخير (٣) ذكره عن قوله: ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾، فكأنه قيل: في الكتبِ الثلاثةِ شرائعُ هي هدايةٌ للناس، وفي هذا الكتاب حِكَمٌ يفرَّقُ بها بين الحق والباطل.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ من كتبه المنزَلةِ وغيرِها من المعجزات.

﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ بنوع لا يُعرَفُ كُنْهُه من العذاب الشديد.

﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ غالب لا يمتنع (٤) من التعذيب.

﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ تنكيرُهُ دل على قوته كمًّا، وقد اقترن بصفةِ العزَّةِ فدل على قوته كيفاً حيث لم يُتصور اندفاعه، ففُهم من الجملة معنى قوله: لا يقدر له انتقام لا يُقْدَر قَدْرُه من الشدة، ولا يَقْدِر على مثله مُنتقِمٌ (٥).


(١) في (ك): "استهدى".
(٢) في هامش (د) و (ف): "من غفل عن هذا قال: على العموم إن فلنا: إنا متعبدون بشرع من قبلنا، وإلا فالمراد به قومهما. منه".
(٣) في (ح) و (د): "تأخيره".
(٤) في (ج) و (د) و (ك): "يمنع".
(٥) قوله: "لا يقدر له انتقام … " كذا في النسخ كلها، وعبارة الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٣٣٦): (﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ له انتقام شديد لا يقدر على مثله منتقم).