وأما صور الفساد، فمنها: أن يتفقا على إسقاط الأرض من الحساب ويستويان فيما عدا ذلك من بذر وعمل ونحوهما كما يستويان في الربح. وهذه فاسدة لأن إلغاء الأرض التى لها قيمة توجب التفاوت بين الشريكين فلا يكون أحدهما مساوياً لصاحبه في رأس المال؛ أما إذا كانت الأرض رخيصة لا قيمة لها فإن إلغاءها جائز. ومنها: أن يكون لأحدهما أرض رخيصة لا قيمة لها وعليه العمل ويكون على الثاني البذر وهذه فاسدة لأن بعض البذر في هذه الحال يكون واقعاً في مقابلة الأرض؛ وقد عرفت أن ذلك ممنوع. وقد يقال إن الأرض الرخيصة يصح إلغاؤها كما ذكر في الصور التى قبلها؛ والجواب أن البذر لم يقع في الصورة الولى مقابل الأرض لأنك قد عرفت أنهما متساويان في البذر وفي كل شيء ما عدا الأرض فإنها أسقطاها من الحساب. ومنها: أن تكون احدهما الأرض وبعض البذر ويخرج الاخر العمل وبعض البذر ويأخذ العامل الربح أنقص من نسبة بذره كما تقدم في الصورة الرابعة. ومنها: أن تكون مملوكة لهما معاً وأخرج كل واحد منهما نصيباً من البذر واختص أحدهما بالعمل وهذه الصورة ممنوعة للتفاوت في رأس المال لأن الذي اختص بالعمل وحده يكون زائداً فيما أخرجه عن الآخر فإذا اشترطا التساوى في الربح بعد ذلك كله كان إجحافاً بالذي عليه العمل وقد علمت بطلانه. ومنها: أن يتساوى الشريكان في الجمع ولكن أحدهما يسلف الآخر البذر لأن السلف في هذه الحالة يكون في نظير منفعة المقترض بالزرع والسلف الذي يجر نفعاً لا يجوز. أما أحكام المزارعة الفاسدة فهي على وجهين: الوجه الأول: أن يعرف الفساد قبل الشروع في العمل وحكم هذا الوجه ان العقد يفسخ وتنتهى المسألة. الوجه الثاني: أن لا يعرف الفساد الا بعد العمل، ويشتمل هذا الوجه على ست صور: الصورة الأولى: أن يشترك المتعاقدان معاً في العمل سواء كان عمل كل واحد منهما مساوياً لعمل الآخر أو كان أكثر أو أقل على المعتمد، وأن تكون الأرض من أحدهما والبذر على الاخر وحكم هذه الصورة أن يقسم الزرع بينهما نصفين فيأخذ كل واحد نصفه ثم يرجع كل منهما على صاحبه بنصف ما دفعه من رأس المال فيأخذ صاحب البذر من صاحب الأرض مثل نصف بذره ويأخذ صاحب الأرض من البذر نصف كراء أرضه ولا يخفى أن فساد هذه الصورة إنما جاء من جعل البذر مقابلاً للأرض، وهو ممنوع لأنه لا يجوز تأخير الأرض بالطعام كما تقدم قريباً.