للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال ونجاح العمال فمن قال إنها سنة فقد فرض أن التشريع إنما هو لجماعة المسلمين والمسلم الصحيح هو الامين الذي لا يخون. الصادق الذي لا يكذب المخلص الذي لا يضمر لصاحبه سوءاً. وذلك الذي يرتاح له صاحب المال معه من حفظ ماله واستثماره. فإذا لم يوجد ذلك المعنى كان منهياً عنه فإن الإنسان لا يصح له أن يعطي ماله لخائن أو منذر أو سيئ التصرف لأن المحافظة على المال واجبة وإضاعته منهي عنها، وبالجملة فغرض الشارع الحث على المصلحة حيث كانت والتحذير من المفسدة أين وجدت ولهذا الكلام بقية في الجزء الثاني من كتاب الأخلاق.

وأول قراض وقع في الإسلام هو قراض عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وحاصل ما ورد من ذلك أن عبد الله وأخيه

خرجا في جيش العراق وكان أبو موسى الأشعري يومئذ أمير البصرة فنزلا عنده فرحب بهما فرحب وأكرمهما وقال لهما إني أحب أن أعمل لكما عملاً ينفعكما لو أقدر على ذلك ثم قال لهما إن عندي مالاً من قال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فخذاه سلفاً واشتريا به تجارة من العراق تبيعانها بالمدينة ةتدفعان رأس المال إلى أمير المؤمنين وتنتفعان بريحه فرضيا بذلك وفعلا، باعا فربحا فلما دفعا إلى أمير المؤمنين سألهما: هل أسلف أبو موسى كل الجيش أو اختصكما أنتما به؟ فقالا بل اختصنا، فقال إنه قد فعل معكما ذلك لأنكما ابنا أمير المؤمنين يريد أنه قد حاباهما وطلب منهما أن يدفعا رأس المال وربحه إلى بيت المال فسكت عبد الله أما عبيد الله فقال له هذا لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين لأن المال كان في ضماننا ولو هلك لألزمتنا به قرض مضمون وليس للمقرض أن يأخذ فائدة من المستقرض فلم يلتفت عمر إلى قوله

وأعاد ما قاله، فطلب منهما تسليم المال وربحه فرد عليه عبيد الله ثانياً فقال رجل من الحاضرين لو جعلته قراضاً يا أمير المؤمنين، أي لبيت المال نصف الربح ولهما نصفه، فقال: أجعله قراضاً وفعل ذلك.

[مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل]

-يختص كل منهما بأمور لا يجوز له أن يتعداها وهي مفصلة في المذاهب (١)


(١) الشافعية - قالوا: يختص العامل بما يأتي:
-١ - التصرف في البيع والشراء ولكن ينبغي له أن يتصرف تصرفا حسنا فلا يصح أن يشتري سلعة بالثمن الذي يطن أنها تباع به بل لا بد من أن يترجح عنده أنه سيربح فيها، لأن ذلك هو الغرض من المضاربة. وكذلك لا يصح له أن يبيع السلع بثمن مؤجل غير مقبوض لأنه قد يضيع عند المدين

<<  <  ج: ص:  >  >>