والواقع أن هذه الأدلة تحتمل المعنى الذي قال الحنفية، كما تحتمل المعنى الذي قاله غيرهم، أما الآية فلأن عبادة الله ليست مقصورة على التوحيد، بل المتبادر منها إخلاص النية في عبادة الله مطلقاً: لأن بعض المشركين كانوا يشركون مع الله غيره في العبادة، خصوصاً أهل الكتاب الذين ذكروا مع المشركين في الآية، فإنهم كانوا يشركون في العبادة مع الله بعض أنبيائه، وأما الحديث فلأن ثواب الأعمال إذا حبط فإنه لا يكون لها أية فائدة، ولا معنى لقولهم: إن العمل صحيح مع بطلان ثوابه نعم لهم أن يقولوا: إن فائدته رفع العقاب، ولكن هذا لا دليل عليه في الحديث. بل العكس، ظاهر الحديث يدل على النية شرط في الثواب وفي الصحة، والتخصيص بالثواب تحكم لا دليل عليه.