للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث نواقض الوضوء]

النواقض جميع ناقضة، أو ناقض، يقال: نقضت الشيء، إذا أفسدته، وقد يقال: إن التعبير بالنواقض التي تدل على إفساد الوضوء من أصله، يقتضي أن الوضوء قد اتصف بالفساد قبل طرو الحدث، وعلى هذا فالصلاة به قبل عروض المفسد تكون باطلة، لأن المفروض أنه قد اتصف بالفساد من أصله، ولذا عبر بعضهم بالأحداث جمع حدث، فراراً من هذا الاعتراض، والجواب عن هذا أن المراد بطلانه بعد وقوع الحدث المبطل، لا وصفه بالبطلان من أساسه.

وتنقسم نواقض الوضوء إلى أقسام: الأول ما خرج من أحد السبيلين - القبل، والدبر - وهذا ينقسم إلى قسمين، لأنه إما أن يكون معتاداً، وإما أن يكون غير معتاد، الثاني: ما قد يترتب عليه الخروج من أحد السبيلين، وهذا ينقسم إلى أربعة أقسام: أحدها: غيبة العقل؛ ثانيها: لمس (١) امرأة تشتهي، ومثلها لمس الأمرد؛ وهذا ينقض بشروط ستعرفها؛ ثالثها: مس الذكر ونحوه بدون حائل؛ وهذا أيضاً ينقض في بعض المذاهب دون بعض؛ رابعها: ما يخرج من غير القبل، أو الدبر، كالدم، وفي ذلك تفصيل ستعرفه؛ فجملة أقسام النواقض ستة، وإليك بيانها:

فالأول، وهو ما خرج من أحد السبيلين بطريق العادة، منه ما ينقض الوضوء فقط، ومنه ما يوجب الغسل؛ فأما الذي ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، فهو البول، والمذي، والودي؛ فأما البول فهو معروف، وأما المذي فهو ماء أصفر رقيق، يخرج من القبل عند اللذة غالباً، وأما الودي فهو ماء ثخين أبيض، يشبه المني، ويخرج عقب البول غالباً. ومثل الودي الهادي، وهو ماء أبيض، يخرج من قبل المرأة الحامل قبل ولادتها، والمني الخارج بغير لذة، وهو معروف،


الترك حينئذ يكون مكروهاً؛ فمن خلاف الأولى الإسراف في صب الماء إذا كان مباحاً، أما إذا كان موقوفاً فإنه يحرم، ومنه الزيادة على الثلاث في المغسول، وعلى المرة الواحدة في الممسوح إذا قصد بالزيادة النظافة، أو التبرد، فإنه لا يكره؛ ومنه مسح الرقبة بالماء، ومنه مبالغة الصائم في المضمضة. ومنه أن يتوضأ في موضع متنجس، ومنه الكلام حال الوضوء بغير ذكر الله) .

(١) المالكية قالوا: إن المني الخارج بغير لذة معتادة لا يوجب الغسل، بل ينقض الوضوء فقط، خلافاً للأئمة، الثلاثة، وقد مثلوا لذلك بما إذا نزل في ماء ساخن، فلات وأمنى.
الشافعية قالوا: خروج المني يوجب الغسل، سواء خرج بلذة أو بغير لذة، فمتى تحقق كونه منياً وجب عليه أن يغتسل، وسيأتي بيان مذهبهم في "مباحث الغسل"، ومع كونه يوجب الغسل، فإنه لا ينقض الوضوء عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>