أو برأي صاحبيه؟ والجواب: أن الراجح الذي عليه المعول أن ينظر في ذلك إلى قوة الدليل، فمتى كان الدليل القوي في جانب رجح العمل به، ويظهر أن الدليل هنا يؤيد رأي الصاحبين، وبيان ذلك أن الله سبحانه قال: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} ، ومعنى هذا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فيبقى أربعة وعشرون شهراً وهي مدة الرضاع، وقد أول الآية بهذا المعنى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لعثمان رضي الله عنه حيث أراد عثمان أن يحد امرأة جاءت بولد لستة أشهر من حملها، فقال لها علي: كلا إنها جاءت به لأقل مدة الحمل، وهي ستة أشهر واستدل له بهذه الآية فاقتنع عثمان بذلك، وظاهر أن فهم الآية على هذا الوجه لا تكلف فيه، ولكن الإمام استدل بها على وجه آخر، فقال معنى - حمله وفصاله ثلاثون شهراً - أن كلاً منهما ثلاثون شهراً، فكأنه قال: مدة حمله ثلاثون شهراً ومدة فصاله ثلاثون شهراً، والمراد أكثر مدة الحمل لا أقلها، فتكون مدة الفصال حولين ونصف أعني ثلاثين شهراً، فإذا شرب الطفل في أثنائها فإنه يكون رضيعاً، ولكن ورد على هذا أن أكثر مدة الحمل سنتان لا ثلاثون شهراً، فقد روي عن عائشة أنها قالت: لا يبقى الولد في بطن أمه أكثر من سنتين، ولو بقدر فلكة مغزل، كناية عن قلة الزمن، فأجيب بأن قول عائشة هذا خصص مدة الحمل، فعلم أنها سنتان، وبقيت مدة الفطام على حالها، ولا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف ظاهر، إذ لا معنى لكون الآية تنص على أن مدة الحمل قد تكون حولين ونصف حول ويقول الحديث: إنها لا تزيد عن حولين ولا لحظة، وقد بين بعض المحققين هذا بأن ثلاثين شهراً مستعملة