للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الثالث]

[باب التعزير]

-أما التعزير فهو التأديب بما يراه الحاكم زاجراً لمن يفعل فعلاً محرماً عن العودة إلى هذا الفعل، فكل من أتى فعلاً محرماً لا حد فيه، ولا قصاص، ولا كفارة، فإن على الحاكم أن يعزره بما يراه زاجراً له عن العودة، من ضرب، أو سجن، أو توتبيخ.

وقد اشترط بعض الأئمة أن لا يزيد التعزير بالضرب على ثلاثين سوطاً، وقال بعضهم وهم المالكية: إن للإمام أن يضربه بما يراه زاجراً، ولو زاد عن مائة، بشرط أن لا يفضي ضربه إلى الموت (١) .

وبعضهم وهم الحنابلة - قالوا: إنه لا يزيد في الضرب عن عشرة أسواط. ولكن أبن القيم الحنبلي لم يوافق على هذا، فقد ذكر (في أعلام الموقعين) أن التعزير بالضرب قد وصل إلى مائة سوط عند الحنابلة، كما إذا وطئ شخص جارية امرأته بإذنها - فإنه يعزر بضرب مائة. وقال: إن عمر بن الخطاب زاد في حد شرب الخمر أربعين فأوصله إلى ثمانين، ولا يعقل أن تكون هذه الزيادة من أصل الحد الي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أربعون.

على أنك قد عرفت أن بعض العلماء يقول: إن عقوبة الشرب كلها من باب التعزير لا من باب الحد.


(١) (تعريفه: التعزير مصدر عزر من العزر وهو الرد والمنع ومنه قوله تعالى: {وتعزروه} أي تدفعوا العدو عنه وتمنعوه، وفي الشرع تأديب على ذنب لا حد فيه، ولا كفارة، وهو مخالف للحدود من ثلاثة أوجه.
الأول: أنه يختلف باختلاف الناس، فتعزير ذوي الهيئات أخف من تعزير عامة الناس مع انهم يستوون في الحدود مع الناس، لا فرق بين عربي وقرشين فالكل امام الحدود سواء.
الثاني: أنه تجوز فيه الشفاعة والعفو، ولو بعد وصوله إلى الحاكمن بخلاف الحدود فإنه لا تجوز فيها الشفاعةز إذا ما وصل الأمر إلى الحاكم.
الحنفية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: إن التالف بالتعزير غير مضمون مثل الحدود، لأنه مأمور به.

<<  <  ج: ص:  >  >>