ثم إذا كان الحلف على ارتكاب معصية أو ترك واجب وجب أن يحنث فيه، ولا يرتكب المعصية ولا يترك الواجب، وإن كان بالعكس بأن حلف وهو الصلاة، ويترك الزنا وهو المحرم وكذلك إذا حلف على فعل مندوب وترك مكروه فإنه يندب له البر، وإن كان بالعكس بأن حلف على ترك مندوب وفعل مكروه فإنه يكره له البر باليمين ويندب له الحنث. أما إذا حلف على فعل مباح أو تركه فيباح له الحنث وعدمه: والبر أولى من الحنث، لأن حفظ اليمين فيه أولى. الشافعية - قالوا: الأصل في الحلف الكراهة لقوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} وقد يكون مباحاً غير مكروه كما إذا حلف على فعل طاعة أو ترك مكروه، أو في دعوى عند حاكم مع الصدق، أو كان لتأكيد أمر في حاجة إلى التأكيد كقوله صلى الله عليه وسلم: "فوالله لا يمل حتى تملوا"، أو كان لتعظيم شأن أمر كقوله عليه الصلاة والسلام "والله لوتعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً". ويكون مندوباً إذا توقف عليه فعل مندوب أو ترك مكوره، أما الحنث فتعتريه الأحكام الخمسة، فتارة يكون واجباً كما إذا حلف على معصية أو ترك واجب، فمن حلق ليشربن الخمر أولا يصلي فإنه يفترض عليه أن يحنث وعليه الكفارة. وتارة يكون حراماً إذا كان بالعكس، كما إذا حلف أن يقيم الصلاة المفروضة أولا يزني فإنه يفترض عليه البر باليمين ويحرم عليه الحنث وتارة يكون مندوباً كما إذا حلف على ترك مندوب وفعل مكروه. وتارة يكون خلاف الأولى كما إذا حلف على فعل مباح أو تركه كالأكل والشرب، فالولى أن يبر باليمين صوناً لاسم الله تعالى وهوفي جميع الأحوال تجب عليه الكفارة إذا حنث. الحنفية - قالوا: الأصل في اليمين بالله أو بصفة من صفاته أن يكون جائزاً، ولكن الأولى أن لا يكثر منه. ثم إن كان الحلف على معصية كأن حلف بأن لا يكلم والديه اليوم أو شهراً فإنه يفترض عليه