الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام حين لاعن بين زوجين آمرهما باللعان بلفظ الشهادة، ولم يقتصر على لفظ اليمين، إذا ثبت ذلك في المحدود ثبت في العبد والكافر، أما الإجماع على أنهما ليسا من أهل الشهادة أو لأنه لا قائل بالفرق فقد أجاب الشافعية بأن اللعان ليس شهادة في الحقيقة، بل هو يمين لأنه لا يجوز أن يشهد الإنسان لنفسهن ولأنه لو كان اللعان شهادة كما قال الأحناف لكانت المرأة تأتي في اللعان بثمان شهادات لأنها على النصف من الرجل، ولأنه يصح اللعان من الأعمى والفاسق بالإجماع ولا تجوز شهادتهما، فإن قيل: الفاسق والفاسقة قد يتوبان قلنا وكذلك العبد قد يعتق فتجوز شهادته، ثم أكد الشافعي رحمه الله ذلك الرأي بأن العبد إذا عتق تقبل شهادته في الحال، أما الفاسق إذا تاب فلا تقبل شهادته في الحال، ثم ألزم أبا حنيفة رحمه الله بأن شهادة أهل الذمة مقبولة بعضهم على بعض، فينبغي أن يجوز اللعان بين الذمي والذمية. الشافعية - قالوا: إن الحدود تختلف بمن وقعت له، ومعناه أن الزوج إن لم يلاعن فنصف حد القذف عليه لرقه، وإن لاعن ولم تلاعن اختلف حدها بإحصانها وعدم إحصانها، وحريتها ورقها. الشافعية - قالوا: يتعلق باللعان خمسة أحكام: درء الحد، ونفي الولد، والفرقة، والتحريم المؤبد، ووجوب الحد عليهما، وكلها تثبت بمجرد لعانه، ولا يفتقر فيه إلى لعان الزوجة، ولا إلى حكم الحاكم، فإن حكم الحاكم به كان تنفيذا منه لا إيقاعا للفرقة لأن الفرقة حصلت بمجرد أن انتهى الزوج من شهادته وقسمه، ولا يتوقف ذلك على صدور حكم الحاكم بالفرقة، فأن اللعان طلاق بائن لما رواه الجماعة عن نافع عن ابن عمر (أن رجلاً لاعن بامرأته، وانتفى من ولدها ففرق النبّي بينهما وألحق الولد بالمرأة) . -
(١) (اختلف الفقهاء في وقوع الفرقة باللعان. الحنفية والحنابلة - قالوا: لا تقع الفرقة بفراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما، ولا تقع الفرقة قبل صدور الحكم.