للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث حد اللواط]

-أما اللواط فإنه من الجرائم الخلقية التي لا تليق بالنوع الإنساني، وفطرته التي فطره الله عليها. فاللواط فيه عدوان ظاهر على الإنسانية، وخروج عن سنن الله الطبيعية، ولهذا سماه الله فاحشة كالزنى، قال تعالى: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} : فمن ارتكب هذا الفعل الشائن فقد اختلفت فيه آراء الأئمة: فمنهم من قال: إنه يعاقب عقوبة الزاني وهي الإعدام. إن كان محصناً، أما الموطوء فعقوبته الجلد كالبكر، لأنه لا يتصور فيه إحصان. ومنهم من يقول: إن عقاب اللائط من باب التعزير، لا من باب الحد، فعلى القاضي أن يحبسه، أو يجلده، بما يراه رادعاً له عن الجريمة، فإذا تكررت منه، ولم يزدجر عزر بالإعدام (١)


(١) (اتفق الأئمة عليهم رضوان الله تعالى، على تحريم اللواط في نظر الشرع، وعلى أنه من الفواحش العظام، بل إنه لأفحش من جريمة الزنا، وإنه كبيرة من الكبائر، وذلك للأحاديث المتواترة في تحريمه، ولعن فاعله. ولكنهم اختلفوا في تحديد البينة على إثبات جريمته.
المالكية، والشافعية، والحنابلة - قالوا: إن البينة على اللواط مثل البينة على إثبات الزنا، فلا يثبت إلا بشهادة أربعة من الرجال العدول، ليس فيهم امرأة، يرون الميل في المكحلة.
الحنفية - قالوا: إن بينة اللوط غير بينة الزنا، لأن ضرره أخف منه، وجنايته اقل من جنايته، حيث لا يترتب على اللواط اختلاط النساب، ولا هتك الأعراض.. فثبتت البينة بشاهدين فقط، فلا يلحق بالزنا إلا بدليل، ولم يوجد دليل من الكتاب ولا من السنة فبقي الحكم على الأصل مثل باقي الأحكام والشهادات.
واختلف الأئمة في اللواط هل يوجب الحد أم التعزيز؟
المالكية، والحنابلة، والشافعية - قالوا: إن اللواط إذا ثبت يوجب الحد لكنهم اختلفوا في صفة الحد، قياساً على حكم الزنا، بجامع إيلاج فرج محرم، في فرج محرم.
المالكية، والحنابلة، وفي رواية عند الشافعية - قالوا: إن حد اللوط الرجم بالحجارة حتى يموت، الفاعل والمفعول به، بكراً كان أو ثيباً، ولا يعتد فيه بالإحصان وشرائطه المذكورة في حد الزنا، أو يقتلان بالسيف حداً، واحتجوا على رأيهم بأن التلوط نوع من أنواع الزنا، لأنه إيلاج فرج في فرج بشهوة ولذة، فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الأدلة الواردة في الزاني المحصن والبكر الزاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>