ولو أطلق الولي العفو عن القود، ولم يتعرض للدية بنفي ولا إثبات فالمذهب لا دية عليه، لأن القتل لم يوجب الدية على هذا القول والعفو إسقاط ثابت، لا إثبات معدوم. وفي قول آخر، إن الدية تجب على القاتل في ماله لقوله تعالى: {فمن عفي له عن أخيه شيء فاتباع بالمعروف} أي اتباع المال وذلك يشعر بوجوبه بالعفو، ولأن الدية بدل عن القود عند سقوطه بعفو، أو غيره كموت الجاني مثلاصن فقد خير الشارع الولي بين أخذ المال، وبين القصاص. الحنفية، والمالكية في روايتهم الثانية، والشافعية في أرجح روايتهم والحنابلة في القول الآخر: - قالوا: إن الواجب بالقتل العمد معين، وهو القود وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل لما ورد في الكتاب والسنة، ولأن المال لا يصلح موجباً في العمد، لعدم المماصلة والقصاص يصلح للتماصل، وفيه زيادة حكمة وهي ممصلحة الأحياء، زجراً للغير عن وقوعه فيه، وجبراً للورثة فيتعين، وقد شرع القصاص لمعنى النظر للولي على وجه خاص، وهو الانتقام وتشفى الصدورن فإنه شرع في الصل زجراً عما كان عليه أهل الجاهلية من إفناء قبيلة بواحد، لا لأنهم كانوا يأخذون أموالاً كثرة عند قتل واحد منهم، بل إن القاتل وأهله لو بذلوا كل ما ملكوه من الدنيا وأمثال ما رضي به أولياء المقتول، فكان إيجاب المال في مقالبلة القتل العمد تضييع حكمة القصاص، وإذا ثبت أن الأصل في العمد هو القصاص، لم يجز المصير إلى غيره بغير ضرورة، مثل أن يعفو أحد الأولياء، فإنه تعذر الاستيفاء حينئذ أو أن يكون محل القصاص ناقصاً، بأن تكون يد قاطع اليد أقل إصبعاً، أو أن يكون القاتل أباً أو أماً للمقتول فإنه يتعذر القصاص في أمثال هذه الحلات، فيعل عنها إلى الدية صوناً للدم من الهدر اهـ. الشافعية، والحنفية، والحنابلة رحمهم الله - قالوا: إذا عفت المرأة سقط القصاص عن القاتل.