الحنفية قالوا: يسن للخطبة أمور: بعضها يرجع إلى الخطيب، وبعضها يرجع إلى نفس الخطبة، فيسن للخطيب أن يكون طاهراً من الحدثين الأكبر والأصغر؛ فإن لم يكن كذلك صحت مع الكراهة، ويندب إعادة خطبة الجنب إن لم يطل الفصل، وأن يجل الخطيب على المنبر قبل الشروع في الخطبة، وأن يخطب وهو قائم، فلو خطب قاعداً أو مضطجعاً أجزأه مع الكراهة، وأن يعتمد على سيف متكئاً عليه بيده اليسرى في البلاد التي فتحت عنوة، بخلاف البلاد التي فتحت صلحاً، فإنه يخطب فيها بدون سيف، وأن يستقبل القوم بوجهه فلا يلتفت يميناً ولا شمالاً، وأن يخطب خطبتين إحداهما سنة والأخرى شرط لصحة الجمعة: كما تقدم، وأن يجلس بينهما بقدر ثلاث آيات على المذهب، فلو ترك الجلوس أساء، وأن يبدأ الأولى منهما بالتعوذ في نفسه، ثم يجهر فيها بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله؛ والشهادتين، والصلاة والسلام صلى الله عليه وسلم، والعظة بالزجر عن المعاصي، والتخويف والتحذير مما يوجب مقت الله تعالى وعقابه وسبحانه والتذكير بما به النجاة في الدنيا والآخرة، وقراءة آية من القرآن، ويبدأ الثانية بالحمد لله والثناء عليه. والصلاة والسلام على رسوله، ويدعو فيها للمؤمنين والمؤمنات، ويستغفر لهم، أما الدعاء للملك والأمير بالنصر والتأييد والتوفيق لما فيه مصلحة رعيته ونحو ذلك فإنه مندوب، لأن أبا موسى الأشعري كان يدعو لعمر في خطبته، ولم ينكر عليه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ويسن للخطيب أيضاً أن يجلس في ناحية خلوته، ويكره له أن يسلم على القوم، وأن يصلي في المحراب قبل الخطبة، وأن يتكلم في الخطبتين بغير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (١) الحنابلة قالوا: إن ترك السنن المتقدمة منه ما هو مكروه، ومنه ما هو خلاف الأولى، فمن المكروه استدبار القوم حال الخطبة، ورفع يديه حال الدعاء فيه