للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث رأي المعتزلة والخوارج]

-ولم يخالف في هذا الحد إلا بعض المعتزلة، والخوارج، فإنهم قالوا: إن عقوبة الرجم كانت موجودة في صدر الإسلام، ثم نسخت بقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} فالزانيان يستحقان الجلد سواء كلنا محصنين أو لا. ولكن دليلهم هذا لا يتم إلا إذا ثبت أن النَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم لم يرجم أحداً بعد نزول هذه الآية.

ولكن الجمهور قالوا: إن رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم قد رجم بعد نزول هذه الأية، بدليل أن أبا هريرة حضر الرجم، وهو لم يسلم ب سنة سبع، وسورة النور نزلت سنة ست أو خمس، وقد رجم الخلفاء الراشدون بعد النَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم، وصرجوا بأن الرجم حد، وقد نازع هؤلاء بأن الكتاب لا يصح نسخه بالسنة.

وأجيب بأن السنة المشهورة تخصص الكتاب بلا خلاف، وهنا خصصت السنة. الزاني، بغير المحصن، وهذا الخلاف لا يترتب عليه فائدة كبيرة عملية (١)


ضرب المرأة لتأديبها
اتفقت كلمة فقهاء المسلمين على جواز ضرب الزوجة إذا نشزت، أو خالفت أمره، أو ارتكبت فاحشة.
لقوله الله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، واهجرونهن في المضاجع، واضربوهن} أي ضرباً مؤلماً غير مبرح فلا يكسر عضواً، ولا يسيل دماً، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم لستم تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم، فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نشائكم حقاً، ولنشائكم عليكم حقاً فحقكم عليهن أن لا يوطئن، فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا غليهن، وكسوتهن وطعامهن" رواه الترمذي رحمه الله.
-
(١) (حكي في البحر عن الخوارج أن الرجم غير واجب عندهم، وكذلك حكاه عنهم أيضاً ابن العربي رحمه اللَّه تعالى، وحكاه أيضاً عن بعض المعتزلة، كالنظام وأصحابه، ولا مستند لهم إلا أنه لم يذكر في القرآن الكريم، وهذا باطل، فإن الرجم قد ثبت بالسنة المتواترة المجمع عليها، وأيضاً هو ثابت بنص القرآن لحديث عمر بن الخطاب عند الجماعة أنه قَالَ: (كان مما أنزل على رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم آية الرجم، فقرأناها، وحفظناها، ووعيناها، ورجم رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم ورجمنا بعده) ونسخ التلاوة لا يستلزم نسخ الحكم، كما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُما، وقد أخرج أحمد والطبراني

<<  <  ج: ص:  >  >>