وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم السارق الذي يبذل اليد الثمينة الغلية في الشياء الرخيصة المهينة، وقد اعترض بعضهم على هذا الحكم، وقال: كيف يحكم بقطع يد قيمتها في الدية خمسمائة دينار، في ثلاثة دراهم؟ وأجابوا عليه: بأن اليد لما كانت أمينة كانت ثمينة، ولما خانت هانت - وقالوا: إن ذلك من أسرار أحكام الشريعة الغراء لأن الشارع جعل قيمة اليد في باب الجنايات بخمسمائة دينار، حتى تحترم فلا يجنى عليها، اما في باب السرقة فلما خانت الأمانة ناسب أن يكون القدر الذي تقطع فيه ربع دينار، لئلا يسارع الناس في سرقة الأموالز ولهذا علل الله تعالى قطع اليد في السرقة بقوله عز وجل {جزاء بما كسبا نكالاً من الله} أي تقطع مجازاة على صنيعها السيء في أخذها أموال الناس بأيديهم فناسب أن يقطع العضو الذي استعانا به على ذلك (نكالاً من الله) أي تنكيلاً من الله بهما على ارتكاب ذلك الفعل، وعبرة لغيرهما، فإن قطع اليد يفضح صاحبه طول حياته، ويجلب له الخزي والعار، ويسقطه في نظر المجتمع وهو أجدر العقوبات بمنع السرقة، وتأمين الناس على أموالهم، وأرواحهم، وأعراضهم.