للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحث الاستنجاء، وآداب قضاء الحاجة]

قد عرفت مما قدمناه لك في نواقض الوضوء، أن الوضوء ينتقض بالبول، والغائط، والمذي والودي باتفاق، ولا يكفي في خروج شيء من هذه مجرد الوضوء مع تلوث أحد المخرجين به، بل لا بد من تجفيف المحل الذي خرج منه ذلك الأذى وتنظيفه، فلهذا كان من الحسن أن نضع هذا المبحث عقب نواقض الوضوء، لأنه جزء منها، وأركان الاستنجاء أربعة: مستنج، وهو الشخص ومستنجى منه، وهو الخارج النجس الذي يلوث القبل أو الدبر؛ ومستنجى به، وهو الماء أو الحجر ومستنجى فيه، وهو القبل أو الدبر، فهذه هي الأركان التي لا يتحقق الاستنجاء إلا بتحققها.

وظاهر أن ههنا أمرين: أحدهما: الاستنجاء، ثانيهما: قضاء الحاجة، فأما الاستنجاء، فإنه يتعلق به أمران: الأول: تعريفه، الثاني: حكمه، وأما قضاء الحاجة من بول أو غائط، فإنه يتعلق به ثلاثة أمور: أحدها: حكمه، ثانيها: بيان الأماكن التي لا يجوز للإنسان أن يقضي فيها حاجته، ثالثها: بيان الأحوال التي ينهى عن قضاء الحاجة عندها، وإليك بيانها على هذا الترتيب.

[تعريف الاستنجاء]

الاستنجاء هو عبارة عن إزالة الخارج من أحد السبيلين - القبل، أو الدبر - عن المحل الذي خرج منه، إما بالماء وإما بالأحجار؛ ونحوها. ويقال له: الاستطابة، كما يقال الاستجمار على أن الاستجمار مختص بالأحجار التي يزيل بها الإنسان النجاسة من المخرج، مأخوذ من الجمار، والجمار هي الحصى الصغار، وسمي الاستنجاء استطابة، لأنه يترتب عليه أن النفس تطيب وتستريح بإزالة الخبث، وسمي استنجاء لأن الاستنجاء مأخوذ من نجوت الشجرة إذا قطعتها، فهو يقطع الخبث من على المحل، والأصل في الاستنجاء أن يكون بالماء، فقد كان الاستنجاء بالماء فقط مشروعاً في الأمم التي من قبلنا، روي أن أول من استنجى بالماء هو سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولكن سماحة الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>