للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثها (١) : أن تكون المرأة غير ناشزة، فلو كانت خارجة عن طاعة زوجها فلا حق لها في القسم.

ولا يسقط القسم وجود مانع يمنع الوطء، سواء كان قائماً بالمرأة، كحيض. أو نفاس. أو رتق. أو مرض. أو كان قائماً بالرجل، كما إذا كان مجبوباً. أو عنيناً. أو مريضاً، لأن الغرض من المبيت الأنس لا الوطء، لما عرفت من أن الوطء غير لازم فإذا كان مريضاً مرضاً لا يستطيع معه الانتقال أقام عند من يستريح لتمريضها وخدمتها.

[مبحث لا تجب المساواة بين الزوجين في الحب القلبي وما يترتب عليه من شهوة]

-كما لا تجب التسوية في النفقة كذلك لا تجب في الوطء والميل القلبي، لأن ذلك ليس في اختيار الإنسان، وإنما هو تابع لحالة طبيعية، فقد تنبعث شهوته إلى واحدة دون الأخرى، وقد يتعلق قلبه بواحدة من حيث لا يدري، وهذا هو معنى قوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل} ، فالمراد نفي الاستطاعة التي ليست في اختيار الإنسان من المحبة القلبية وما يترتب عليها من استمتاع. أما ما عدا ذلك من إقامة العدل في المبيت وإعطاء كل واحدة نفقة مثلها بدون جور فإنه مستطاع من كل أحد، فلذا كان صلى الله عليه وسلم يتحرى الدقة في العدل بين نسائه في هذا ويقول: "اللهم ان هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك" ولكن ليس معنى هذا أن الرجل يترك إحدى زوجاته بدون وطء فيعرضها للخنا والفساد، فإنه إن فعل ذلك فقد ارتكب إثماً، بل يجب على الزوج أن يعف زوجته ويصرفها عن التعلق بغيره، وإن لم يستطع وجب عليه أن يسرحها، وهل للزوجة الحق في طلب إعفافها؟ وإذا طالبته فهل يقدر لها القاضي قدراً معيناً؟ وكذلك هل لها أن تشكو كثرة استعمالها إذا تضررت منه؟ وهل يقدر القاضي له قدراً معيناً أو لا، في ذلك تفاصيل المذاهب (٢) .


(١) (الحنفية - زادوا شرطاً رابعاً، وهو أن لا يكون مسافراً فلا قسم في السفر كما يأتي قريباً) .

(٢) (الحنفية - قالوا: إذا كان الرجل متزوجاً بامرأة واحدة ولم يبت عندها لاشتغاله بالعبادة أو بجواريه كان لها الحق في طلب المبيت عندها، ولا يقدر ذلك بمدة معينة في الأسبوع على الراجع بل القاضي يأمر أن يبيت عندها ويصحبها من وقت لآخر بحيث لا تشعر بغيبة طويلة عنها، وقدر لها بعضهم كل أربعة أيام ليلة، ولكنهم قالوا: إن هذا ضعيف، والمعتمد الأول.
أما الوطء فليس لها حق في المطالبة به إلا مرة واحدة، ولكنه يفترض عليه ديانة أن يعفها وإلا كان من الآثمين، على أن بعض الحنفية يرى أنه يجب الحكم لها عليه قضاء بما يعفها، فكما يجب لها

<<  <  ج: ص:  >  >>