للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث الحجر على السفيه]

يحجر على السفيه كما يحجر على الصبي والمجنون، وفي تعريفه وما يتعلق به تفصيل في المذاهب

(١) .


الولي، وإن تصرف في شيء يحتمل النفع والضرر عادة كالبيع والشراء فإنه ينعقد موقوفاً على إجازة الولي، فللولي أن يجيزه وله أن يرده.
المالكية - قالوا: المجنون في أحكام الحجر كالصبي، سواء كان مسلوب العقل أصلاً بحيث لا يفيق غالباً، أو كان مجنوناً بالصرع أو كان مجنوناً بالوسواس وهو الذي يخيل إليه أنه فعل ولم يفعل، ولا فرق بين أن يكون الجنون في الأحوال الثلاثة مطبقاً أو متقطعاً.
ويمتد الحجر على المجنون من حين جنونه إلى أن يفيق رشيداً، ثم إن كان جنونه قبل البلوغ كان الحجر عليه من حقوق أبيه أو وصيه إن كان له أي أو وصي، فإن لم يكن له أب ولا وصي أو كان ولكن طرأ عليه الجنون بعد البلوغ، فإن الحجر عليه حينئذ يكون من حق الحاكم وحده فإن كان جنونه قبل البلوغ ثم أفاق منه قبل البلوغ حجر عليه بسبب الصغر وقد عرفت أن الحجر بسبب الصغر من حقوق الأب والوصي. أما إذا أفاق بعد البلوغ ثم طرأ عليه السفه فإن الحجر عليه يكون من حق الحاكم كما عرفت، لأن السفه الذي يطرأ بعد البلوغ فإن الحجر به يكون للحاكم لا للأب والوصي وما أتلفه المجنون من مال الغير فإنه يكون مضموناً عليه. فيؤخذ من ماله إن كان له مال أو يبقى ديناً في ذمته، فإن اعتدى على أحد في نفسه أو عضو من أعضائه فإن كانت جنايته توجب دية كاملة أو توجب أكثر من ثلث الدية حكم بها على عاقلته، وإن كانت أقل من ثلث الدية فإنها تؤخذ من ماله، فهو كالمميز في ذلك على الراجح، لأن الضمان لا يشترط فيه التكليف.
الشافعية - قالوا: متى جن شخص حجر عليه فلا تنفذ تصرفاته في شيء مطلقاً، ووليه هو ولي الصغير الذي تقدم، وقيل: وليه الحاكم فقط. وإذا أتلف شيئاً كان ضمانه عليه، كما إذا وطئ أجنبية فأحبلها فإن ولدها يثبت نفسه منه، ولا يرفع عنه الحجر إلا إذا زال جنونه تماماً بحيث لم يبق فيه شائبة.
الحنابلة - قالوا: المجنون كالصغير في أحكام الحجر المتقدمة، إلا أن الصبي إذا بلغ وهو مجنون أو سفيه لا يحجر عليه إلا بحكم الحاكم، ولا ينظر في ماله إلا الحاكم وسيأتي بيان ذلك السفيه

(١) الحنفية - قالوا: الحجر على السفيه هو المفتى به في المذاهب وهو المختار كما تقدم، وتعريف السفيه: هو الذي لا يحسن إدارة ماله، فينفقه فيما لا يحل وفي البطالة، ويعمل فيه بالتبذير والإسراف، ومن الإسراف الموجب للحجر: دفع المال إلى المغنين واللعابين وشراء الحمام والديكة ونحوهما بثمن غالٍ "غية" وصرف الأموال في المقامرة وغير ذلك من الأنفاق في غير ما يقتضيه العقل والشرع وكذلك إذا أنفق ماله في عمل من أعمال الخير، كبناء مدرسة أو مسجد أو مصح فإنه يعد

<<  <  ج: ص:  >  >>