وبديهي أن صيغة الإيجاب والقبول المذكورة تتضمن وجود عمل العامل، والأرض التي يعمل فيها، وآلات الزرع التي يستخدمها، والبذر الذي يلقى على الأرض حتى تنبت، ولذا عد بعضهم أركانها أربعة وهي: الأرض؛ وعمل العامل، والبذر، وآلات الزرع. وأما شروطها فهي قسمان قسم يشترط لصحة العقد وقسم إذا وجد يفسد العقد، فأما شروط الصحة فأنواع: النوع الأول: يتعلق بالمتعاقدين وهو العقل، فلا تصح المزارعة من مجنون ولا صبي لا يعقل أما الصبي المميز المأذون من وصية فإن مزارعته تصح؛ ولا تشترط فيها الحرية فتصح أيضاً من العبد المأذون من سيده. النوع الثاني: يتعلق بالمزروع وهو أن يبين النوع الذي يريد زرعه من قمح أو قطن أو نحوهما، إلا إذا قال له صاحب الأرض ازرع ما شيءت فإنه يجوز له أن يزرعها ما شاء، إلا أنه ليس له أن يغرس فيها شجراً لأن عقد المزارعة خاص بالنبات. فإن لم يبينا جنس البذر من قمح أو شعير مثلاً فإن كان البذر على العامل فسدت المزارعة، وإن كان على المالك فإنها لاتفسد، وذلك لأن عقد المزارعة لا يتأكد في حق من عليه البذر قبل إلقائه على الأرض فيجوز له فسخه قبل ذلك بدون عذر، فإن كان البذر على المالك فلا يلزم ببيان جنس البذر لأنه صاحب الحق في بيان النوع الذي يختار زرعه في أرضه، وحيث كان عليه البذر كان العقد صحيحاً، ويكتفي في إعلام العامل في إلقاء البذر الذي به يتأكد العقد أما إذا كان البذر على العامل فإن العقد يتأكد في حق صاحب الأرض بالإيجاب والقبول، فلا بد من بيان نوع البذر إلا إذا فوض صاحب الأرض للعامل له ازرع ما شيءت من زرع الأرض بعد فساد المزارعة، فإذا تمكن العامل من زرع الأرض بعد فساد العقد ورضي له المالك فإنها تنقلب صحيحة لأن المالك قد رضي بالضرر الذي لحقه من عدم بيان جنس المزروع وخلى بينه وبين زراعة الأرض وتركها في يده حتى ألقى البذر فزال المفسد بذلك. النوع الثالث: يتعلق بالناتج المتحصل من الزرع وهو ستة: أحدهما: أن يكون مذكورأ في العقد، فلو سكت عن ذكر المتحصل وكيفية استحقاق الشريكين فيه فسد العقد.