للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


يأخذوا نصف المتحصل من غلتها أو يأخذوه ويأخذوا معه نقوداً كأن يسلموا فداناً للعامل ويأخذوا منه ثلاثة جنيهات مثلاً ونصف ما يتحصل من زرع الفدان، فإنه غير جائز عند المالكية؛ لأنه يكون تأجيراً للأرض أو بعضها بما يخرج منها وهو ممنوع عندهم.
فالمزارعة التي تجوز هي أن تجعل للأرض قيمة أجرتها من النقود أو الحيوان أو عروض التجارة، كأن يقال إن أجرة هذا الفدان تساوي أربعة جنيهات: أو تساوي ثلاثة ثيران، أو تساوي ثوباً من القماش. ولا يجوز تقويم الأرض بغلة أو قطن أو عسل إذ لا يصح تأجير الأرض عندهم بالطعام ولا بما تنبته كما يأتي في الإجارة.
فإذا علمت أجرة الأرض فيقوم العمل بأن يجعل له قيمة، وكذلك تقوم آلات الزراعة، فإذا دفع المالك الأرض وكانت قيمة أجرتها خمسة جنيهات فإنه يصح للعامل أن يحسب قيمة عمله وقيمة نفقات الزرع ويجعلها في مقابل أجرة الأرض بما يخرج منها فالبذر يكون على كل واحد من الشريكين أن مناصفة فإذا بينت أجرة الأرض قيمة أجر العمل وآلات الزرع، كان لكل واحد من الشريكين أن يأخذ من الربح بنسبة ما دفعه فإن كانت قيمة الأرض خمسة وقيمة الآلات والعمل خمسة كان لكل واحد منهما نصف الربح، وعلى هذا القياس، فإذا اشترط أحدهما أن يأخذ أكثر مما يخصه فسدت.
هذه صورة المزارعة الجائزة عند المالكية. ومحصل ذلك أن الممنوع عندهم هو أن تشتمل الشركة على أجرة الأرض أو بعضها بما يخرج منها فمتى سلمت من هذا فإنها تحل إذا تساوياً في الربح. وهذا هو المشهور عندهم، وبعضهم يقول إنه يجوز تأجير الأرض بما يخرج منها، ولكنه ضعيف في المذهب. على أن المالكية أجازوا تأجير الأرض، تبعاً للمساقاة فإذا ساقاه على أرض مغروسة نخلاً وصالحة لزراعة غيره فإن له أن يتعاقد معه على زرعها ببعض ما يخرج منها.
الشافعية - قالوا: المزارعة هي معاملة العامل في الأرض ببعض ما يخرج منها على أن يكون البذر من المالك، والمخابرة هي المزارعة إلا أن البذر فيها يكون على العامل، فليس على العامل في المزارعة إلا العمل بخلاف المخابرة، وكلاهما ممنوع عندهم لأنه لا يصح تأجير الأرض بما يخرج منها. وهذا هو المعتمد وأ جازها بعضهم.
وقد قالوا في علة المنع إن العقد فيها على شيء غير معروف لأن العامل يعمل في الأرض بدون أن يدري ما يصيبه ففيه غرر ويمكن تحصيل منفعة الأرض بتأجيرها إن كان مالكها عاجزاً عن زرعها. وفي التأجير حسم للنزاع وبيان لحق كل منهما موضحاً، فلأي شيء يترك التعاقد الواضح مع إمكانه ويعمل بتعاقد فيه غرر، وقد ورد النهي عن الخابرة والمزارعة في السنة لذلك. على أنهم أجازوا المزارعة تبعاً للمساقاة كما يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>