والمزارعة بالصورة الأولى استئجار للعامل ببعض ما يخرج من عمله على أن الممنوع هو أنيشترط الأخذ من دقيق الغلة التي يطحنها بخصوصها، أما إذا شرط له كيلة من الدقيق مطلقاً فإنه يصح وله أن يأخذها من الدقيق الذي طحنه، ومثل ذلك ما استأجر ثوراً من آخر ليطحن له أو استأجر رجلاً ليجني له هذا القطن على أنيأخذ منه نصف قنطار مثلاً فإنه لا يجوز أما إذا قال له اجن هذا القطن وأعطيك نصف قنطار من القطن الجيد ولم يشر للقطن الذي يجنيه العامل فإنه يصح. وله أن يعطيه منه بعد ذلك. على أنه لاخلاف عندهم في جواز استئجار الأرض بالطعام سواء كان مماكان تنبته الأرض كالقمح والقطن أو كالعسل فكل ما يصلح ثمناً يصلح أجرة كما سيأتي في الإجارة. وأما المخابرة (بفتح الباء) فهي مرادفة للمزارعة في المعنى الشرعي، فهي عقد على الزرع ببعض ما يخرج من الأرض، وأما في اللغة فهي مشتقة منالخبار وهو الأرض اللينة. الحنابلة - قالوا: المزارعة هي أن يدفع صاحب الأرض الصالحة للزراعة أرضه للعامل الذي يقوم بزرعها ويدفع له الحب الذي يبذره أيضاً على أن يكون له جزء مشاع معلوم من المحصول، كالنصف والثلث. فلا يصح أن يعين له إردَبّاً أو إردَبّين أو نحو ذلك. ومثل ذلك ما إذا دفع له أرضاً بها نبت ليقوم بخدمته حتى يتن نموه ويكون له نظير ذلك جزء معين شائع من ثمرته فإن ذلك يسمى مزارعة أيضاً. فالحنابلة يقولون بجواز المزارعة بالصورة التي يقول بها صاحبا أبي حنيفة إلا أنهم يخصون المالك بدفع الحب. ومنا هذا تعلم أن الحنابلة يقولن بحل تأجير الأرض المعلومة مدة معينة ببعض ما يخرج منها كثلث غلتها ونصفها سواء كانت غلتها طعاماً كالقمح والشعير أو غير طعام كالقطن والكتان وحكم الإجازة والمخارة كالمزارعة في المعنى الشرعي. ثم إن الأصل في جوازها هو السنة الصحيحة، فمنها ما روى ابن عمرقال: عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع. متفق عليه. المالكية - قالوا: المزارعة شرعاً هي الشركة في العقد، وتقع باطلة إذا كانت الأرض منطرف أحد الشريكين وهو المالك والبذر والعمل والآلات من الشريك الثاني كما يقول الحنابلة والصاحبان. فما يفعله ملاك الأراضي الصالحة للزراعة في زماننا من إعطاء أرضهم لمن يزرعها وينفق عليها على أن