ولعل السر في ذلك أن البنت في حال صباها وأول حياتها تكون علاقتها بالرجل أشد وغيرتها عليه أعظم، فينبغي أن يكون العقد عليها قاطعاً لمطمع أمها حتى لا يحدث ضغينة وحقداً تنقطع به صلات المودة، بخلاف الأم فإنه يسهل عليها أن تنزل عن رجل لم يباشرها لبنتها التي تحبها حباً جماً فلا تنقطع بينهما علائق المودة.
النوع الثالث: موطوءات الآباء.
وأما الرضاع فإنه يحرم به ما يحرم بالنسب إلا في بعض أمور سيأتي بيانها في مبحثه. فهذه هي موجبات التحريم المؤبد، وأما موجبات التحريم المؤقت فهي أمور: أحدها: زواج المحرم، فلا يحل للشخص أن يجمع بين الأختين، أو بين الأم وبنتها، أو نحو ذلك مما سيأتي.
ثانيها: الملك، فلا يحل للمرأة أن تتزوج عبدها. ولا للرجل أن يتزوج أمته إلا بعد العتق.
ثالثها: الشرك، فلا يحل لمسلم أن يتزوج مشركة غير متدينة بدين سماوي.
رابعها: التطليق ثلاث مرات، فإنه يوجب التحريم إلا إذا تزوجت غيره.
خامسها: تعلق الغير بنكاح أو عدة، فإذا زالت هذه الأسباب عاد له الحل ومن ذلك ما إذا زاد على أربع أو عقد على خامسة قبل أن تنقضي عدة الرابعة.
[مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة]
-المصاهرة: وصف شبيه بالقرابة، ويتحقق في أربع: إحداها زوجة الابن، وهي تشبه البنت. ثانيهما: بنت الزوجة، وهي تشبه البنت أيضاً، ثالثها: زوجة الأب، وهي تشبه الأم، رابعها: أم الزوجة، وهي تشبه الأم أيضاً.
ولا خلاف في أن زوجة الابن، وزوجة الأب، وأم الزوجة يحرمن بالعقد الصحيح، فإذا عقد الأب على امرأة حرمت على ابنه وابن ابنه وإن نزل، وإن لم يدخل بها، وإذا عقد الابن على امرأة حرمت على أبيه وجده وإن علا، كما تحرم على ابنه وإن نزل، وإن لم يدخل بها، أما بنت زوجة الأب من غير الأب فإنها لا تحرم على الابن، وبنت زوجة الابن لا تحرم على