الرهن في اللغة معناه: الثبوت والدوام يقال ماء راهن: أي راكد. ونعمة راهنة: أي دائمة، وقال بعضهم: إن معناه في اللغة، الحبس لقوله تعالى:{كل نفس بما كسبت رهينة} أي محبوسة بما قدمته، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"نفس المؤمن مرهونة بدينه حتى يقضى عنه" فمعنى مرهونة: محبوسة في قبرها، والمعنى الثاني لازم للمعنى الأول، لأن الحبس يستلزم الثبوت بالمكان وعدم مفارقته، أما في الشرع: فهو جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع وثيقة بدين بحيث يمكن أخذ الدين، أو أخذ بعضه من تلك العين، ومعنى وثيقة: متوثق بها، من وثق كظرف صار وثيقاً، والوثيق: المحكم، فقد توثق الدين وصار محكماً بهذه العين وخرج بقوله قيمة مالية في نظر الشرع: العين النجسة والمتنجسة لا يمكن إزالتها، فإنها لا تصلح أن تكون وثيقة للدين، ومثل ذلك ما إذا كانت طاهرة ولكنها لا تساوي شيئاً مالياً على قياس ما تقدم في تعريف البيع.
[حكمه ودليله]
أما حكمه فهو الجواز مثل البيع، لأن كل ما جاز بيعه جاز رهنه إلا ما ستعرفه.
وأما دليله فقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقد قال تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة} والرهان جمع رهن، مثل حبل وحبال. ويجمع على رهن بضم الهاء، ومعنى الآية: أن الله تعالى أمر من يتعاقد مع غيره ولم يجد كاتباً يوثق له فليرهن شيئاً يعطيه لمن له الدين، كي يطمئن الدائن على ماله، ويحفظ المدين بما استدان به خوفاً على ضياع ماله المرهون، فلا يتسامح فيه ويبذر بدون حساب ولا خوف.
وأما السنة: فلما روي في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "رهن درعه عند يهودي يقال له أبو الشحم على ثلاثين صاعاً من شعير لأهله".
وفي هذا الحديث دلالة على ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم من الانصراف عن مظاهر الحياة الدنيا وزخارفها والزهد فيحطامها، فرسول الله الذي كانت تهتز لذكره عروش القياصرة، وكانت