للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مبحث الشبهات في الزنى]

-على أنه إذا وجد مع امرأة لا زوج لها فإن له أن يدعي أنه تزوجها، وذلك شبهة تدرأ الحد في بعض المذاهب (١) .


للغامدية بعد إقرارها، لعله قبلك أو كذا، وفيه إشارة إلى قبول رجوعها بعد الإعتراف، وقول الرسول صلوات اللَّه وسلامه عليه (ادرؤوا الحدود بالشبهات) ورجوع المقر فيه شبهة.
وخالفهم في ذلك ابن ليلى، وعثمان البتي وقالا: لا يقبل رجوعه، ويقام عليه الحد.
المالكية - قالوا: إن رجع عن الإقرار بشبهة قبل رجوعه، ولا يقام عليه الحد، أما إذا رجع في إقراره من غير وجود شبهة، فلا يقبل لإقراره. وقيل: يقبل وهو الراجح.
ورى الخمسة والترمذي واللفظ له قَالَ: جاء ماعز رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى النَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم فقال: انه قد زنى فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال إنه زنى فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال: إنه قد زنى، فأمر به في الرابعة فأخرج إلى الحرة فرجم بالحجارة، فلما وجد مس الحجارة فر يشتد، فلقيه رجل معه لحي جمل فضربه به، وضربه الناس حتى مات، فذكروا ذلك للنَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم فقال: (هلا تركتموه، وفي رواية قَالَ له: أبك جنون؟ قَالَ: لا - وفي أخرى، ليعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ فقال: لا. قَالَ: أحصنت؟ قَالَ: نعم، فأمر برجمه) .
وقوله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: (هلا تركتموه يشير إلى يقوط الحد بالفرار، وقوله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم في الرواية الثالثة لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت، تعريض من رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم له بالرجوع عن الإعتراف، والستر على نفسه، ولكنه لم يرجع حتى قَالَ له تبكيتاً، هلا نكتها؟ قَالَ: نعم. فأمر برجمه) .
فكل هذه الروايات وغيرها تفيد بأن المقر بالزنا إذا رجع في إقراره قبل منه، وكان ذلك توبة له، ولا يقام عليه الحد، حيث ان الإسلام يحب الستر، ويكره إشاعة الفاحشة) .
-

(١) (الشبهة: هي ما يشبه الثابت وليس بثابت، وقد وقع خلاف بين الفقهاء في بعض الأفعال: هي شبهة صالحة للدرء أم لا؟ وكون الحد يحتال في درئه بالاستفسار عنه حتى يتضح قصد الزاني. أأخطأ في التهم أم لا، أكانت عنده شبهة الحل وقت أن وقع في الخطأ أم لا؟ ومن المعلوم أن هذه المناقشات وهذه الاستفسارات المفيدة لقصد الاحتيال للدرء كانت بعد الثبوت، لأنه كان بعد صريح الإقرار لقوله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم (ادرؤوا الحدود بالشبهات) .
الحنفية قالوا: الشبهة عندهم قسمان، شبهة الفعل، وهي واقعة في ثمانية مواضع وهي:
- ١ - أن يطأ جارية أبيه، وأمه، أو جده، أو جدته، وإن علا، لشبهة الملك.
- ٢ - أن يطأ جارية زوجته، لشبهة أن مال الزوجة ملك للزوج.
- ٣ - أن يطأ المطلقة ثلاثاً وهي في العدة، لزوال الملك المحلل من كل وجه فتكون الشبهة

<<  <  ج: ص:  >  >>