للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الاستخلاف في الصلاة]

اختلفت المذاهب الأربعة في حكم الاستخلاف، فانظر كل مذهب تحت الخط (١) .


الشافعية قالوا: سبب الاستخلاف خروج الإمام عن الإمامة بطرو حدث، سواء كان الحدث عمداً أو قهراً عنه، أو تبين له أنه كان محدثاً قبل شروعه في الصلاة، وهذا السبب عندهم ليس ضروراً، بل للإمام أن يستخلف غيره، ولو بدون سبب، وإذا قدم الإمام واحداً وقدم المقتدون واحداً، فإن الصلاة تصح خلف كل منهما، ولكن الأولى بالإمامة من قدمه المقتدون، لا من قدمه الإمام، إلا إذا كان إماماً راتباً، فإن الأولى بالإمامة من قدمه الإمام الراتب، وإذا قدم الإمام الواحد، وتقدم واحد آخر بدون أن يقدمه أحد فإن الصلاة تصح خلف كل منهما، ولكن الأولى بالإمامة من قدمه الإمام، سواء كان راتبا أو غير راتب، ولا يخفى أن الشافعية قد خالفوا الحنفية، والمالكية في هذه الأحكام.
الحنابلة قالوا: سبب الاستخلاف هو أن يحصل للإمام مرض شديد يمنعه من إتمام الصلاة؛ ومنه ما إذا عجز عن ركن قولي، كقراءة الفاتحة؛ أو واجب قولي، كتسبيحات الركوع والسجود، فإن حصل له عذر كهذا فإنه يجوز له أن يستخلف واحداً بدله؛ ولو لم يكن من المقتدين، ليتم بهم الصلاة، وليس من الأعذار عندهم سبق الحدث، فإذا انتقض وضوء الإمام أثناء صلاته بطلت صلاته وصلاة من خلفه؛ ولا يجوز له الاستخلاف، وإذا حصل للإمام عذر يبيح الاستخلاف ولم يستخلف جاز للمقتدين أن يستخلفوا واحداً ليتم بهم الصلاة؛ كما يجوز لهم أن يتموها فرادى بدون إمام، وإذا استخلف القوم واستخلف الإمام واحداً آخر فالصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، كما يقول الحنفية

(١) الحنفية قالوا: إن الاستخلاف أفضل، بحيث لو لم يتسخلف الإمام أو المقتدون، ولم يتقدم واحد منهم بدون استخلاف فإن الصلاة تبطل، ويعيدوها من أولها مع مخالفة الأفضل، بشرط أن يكون الوقت متسعاً لأداء الصلاة فيه، أما إذا ضاق الوقت فإن الاستخلاف يكون واجباً، ولا فرق عندهم في ذلك بين الجمعة وغيرها؛ وإذا استخلف الإمام واحداً، واستخلف المقتدون واحداً آخر، فإن الصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، وإذا تقدم واحدا من المقتدين بدون استخلاف وأتم بهم الصلاة فإنها تصح، أما إذا يستخلف الإمام أو القوم، أو يتقدم واحد بدون استخلاف وصلوا وحدهم فرادى، فإن صلاتهم تبطل.
الحنابلة قالوا: حكم الاستخلاف الجواز، فيجوز عند حصول سبب من الأسباب المتقدم بيانها أن يستخلف الإمام واحداً من المقتدين به أو من غيرهم ليكمل بهم الصلاة، وإذا استخلف الإمام واحداً واستخلف المقتدون غيره، فإن الصلاة لا تصح إلا خلف من استخلفه الإمام، كما يقول الحنفية، على أنهم قالوا: يجوز للمقتدين أن يتمو صلاتهم فرادى بدون استخلاف خلافاً للحنفية؛ كما هو موضح في مذهبهم، ولذا لم يشترط الحنابلة أن يكون الوقت متسعاً، لأنهم يبيحون للمقتدين أن يكملوا صلاتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>