للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم نكاح المرتد عن دينه من الزوجين]

-إذا ارتد أحد الزوجين عن دينه، أو ارتدا معاً. فإنه يتعلق بذلك أمور: أحدها هل يفسخ عقد الزواج بينهما إذا ارتد أحدها. أو ارتدا معاً؟ ثانيها: هل ارتداد الزوج كارتداد المرأة في الفسخ، أو لا؟ ثالثها: هل يكون الفسخ طلاقاً بهدم عدد الطلقات الثلاث، أو لا؟ رابعها: هل يرث المرتد من الآخر، أو لا؟ وما حكم تصرفه في حال ردته، خامسها: ما حكم مهر المرأة وعدتها فيما إذا ارتد هو، أو هي؟ سادسها: ما عقاب المرتد منهما؟ سابعها: ما هي الأقوال، أو الأعمال التي توجب الكفر والردة؟


إسلامه الطارئ لا يحمي زوجته الكتابية من الأسر، ذلك للفرق بين الإسلام الأصلي، والإسلام الطارئ من وجهين أحدهما أن المرأة قصرت في عدم إسلامها معه قبل أن تسبى. ثانيهما: أن الإسلام الأصلي أقوى من الإسلام الطارئ. فإن قلت: لماذا قلتم: إن عقد الذمة إذا شمل الزوجية يحميها من السبي، وقلتم أن إسلام الزوج لا يحميها؟ والجواب: أن الإسلام يخاطب به كل واحد منهما استقلالاً، فلا تتبع الزوجة فيها الزوج بخلاف عقد الذمة، فإنها إن كانت في طاعتنا يشملها، لأنه ليس مقصوراً عليه وحده، فهي تابعة له فيه.
وبهذا نعلم أن إسلام الزوج قبل سبي المرأة لا يمنع عنها السبي، ومتى سبيت انقطعت علاقة الزوجية بينهما في الحال لأنها تصير رقيقة كافرة تحت مسلم وهو ممنوع، ولا ينفع إسلامها بعد ذلك وهذا خلافاً للمالكية القائلين: إذا لم يقع السبي على أحد الزوجين، ثم أسلم قبل سبي الأخر فإن الزوجية لا تنقطع بينهما بشرط أن الزوجة قبل أن تحيض حيضة الاستبراء، إذا كانت هي المسبية، وتكون أمة مسلمة تحت حر مسلم. كما هو موضح في مذهبهم السابق.
وكذا إذا سبيا معاً أو سبي الزوج وحده، فإن الزوجية تنقطع بينهما على الفور، لأن مجرد السبي يقطع علاقة الزوجية.
الحنابلة - قالوا: لا ينفسخ النكاح باختلاف الدارين مطلقاً، فلا فرق في الأحكام المتقدمة بين أن يكون في دار الإسلام. أو في دار الحرب، أو يكون أحدهما بدار الإسلام والأخر بدار الحرب فإذا هاجرت امرأة الحربي إلى دار الإسلام مسلمة، ولم يهاجر زوجها إليها مسلماً قبل انقضاء عدتها فسخ النكاح بينهما، كما تقدم، وتبين المرأة من زوجها إذا سبيت وحدها، أما إذا سبي الرجل وحده أو سبيا معاً، فلا تبين منه، فوافقوا الحنفية في صورة ما إذا سبيا معاً، أو سبي الرجل وحده، ولم يختلفا في الدار، ووافقوا الشافعية، والمالكية فيما إذا سبيت المرأة وحدها.
وسيأتي تفصيل كل ذلك مع أدلة الجميع في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>