ولقد ذكر الله في الآية الكريمة فظاعة أمر هذه الجريمة، وشنع على من وقع فيها، وشرح عظيم خطرها، وشديد وعيدها وأي وعيد اشد، من اللعنة في الدنيا والآخرة، وهو الطرد من رحمة الله، واستحقاق العذاب العظيمن وتقرير ذنبه بشهادة جوارحه عليه بما يخزيه ويقطع حجته ويسد عليه باب التنصل من ذنبه أمام الأشهاد يوم القيامة. ثم أردف ذلك بأنه سيوفى جزاءه الحق، وليعلم الجاني إن لم يكن علم أن الله هو الحق، وإن وعيده هو الحق، وأن قوله هو الحق المبين، وقد ذكر العلماء أن القاذف مطالب في الدنيا لتصديقه بأربعة شهداء فالقاذف يقوم في وجهه لتكذيبه خمسة شهود من جوارحه لسانه، ويداه، ورجلاه، تنكيلاً له، وفضيحة لشأنه، جزاء فضيحته للمحصنات المؤمنات) وأي مسلم يخفى عليه أن أكل مال اليتيم جريمة من أرذل الجرائم وأخسها، لا يأتيها إلا النذال الذين قست قلوبهم، ونزعت منهم عائطفة الرحمة والإنسانية وأصبحوا كالحيوانات المتفرسة هم أضل سبيلاً. -
(١) (لقد ذكر العلماء أن شهادة الزور من أكبر الكبائر لأن الله تعالى أمرنا باجتنابها وقرنها بالشرك والعياذ بالله تعالى فقال عز وجل: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور} أي ابتعدوا عن الرجس الذي هو الأوثان، وابتعدوا عن شهادة الزور، فقرن الله عبادة الأصنام بشهادة الزور كقوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير حق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً، وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون} ومنه شهادة الزور. وروى الإمام أحمد عن أيمنبن خريم أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيها الناس عدلت شهداة الزور إشراكاً بالله ثلاثاً) ثم قرأ {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} وقال الإمام أحمد أيضاً حدّثنا محمد بن عبيد حدّثنا سفيان العصفري عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي