يخرج منها ومنعه) وبديهي أن كل واحد من الفريقين إنما يبحث في تفكيره عن المصلحة التي تنشدها الشريعة الإسلامية ويناضل عن تفكيره عن المصلحة التى تنقضي إلى الحصول على تلك المصلحة والبعد عن الضرر الذي يلحق العامل الضعيف أو يصيب غيره.
وإذا كان الحال على ما ذكر فإنه يمكننا أن نطبق رأي الفريقين على ما هو واقع في زماننا وأن نختار ما هو مناسب لمصالح الناس ومنافعهم.
فمن الناس من ينتهز فرصة حاجة العامل الشديد إلى العمل فلا يعطي له أرضه إذا غبته غباً
فاحشاً وأرهقه إرهاقاً شديداً، فإذا ما دفعته الحاجة إلى العمل مزارعة في تلك الأرض كانت نتيجة عمله للمالك خاصة، فيستولى على غلتها فوق ما يفرضه عليه من مال وعمل؛ وهذا لا يجوز في نظر الشريعة الإسلامية التي توجب مساعدة المضطر ومعونة العامل الضعيف. فلهذا ينبغي تحذير الناس من المزارعة التي يترتب عليها حرمان العامل من كده واستغلال المالك إياه لحاجته. وعند ذلك يفتى برأي المالكية الذين يشترطون المساواة في الربح بنسبة ما قام به كل من الشريكين من عمل أو أرض أو نحوهما، حتى لا يطمع أحدهما في صاحبه.
أما إذا كانت عاطفة الخير متبادلة بين الناس وكل من الشريكين لا يريد إلا أن ينتفع بما يستحقه من أرض أو عمل فلا ينبغي أحدهما على صاحبه ولا يغنيه في أمر، ولا يخونه في عمل، وكانت المصلحة تقتضي العمل في الأرض مزارعة بقسمة ما يخرج من غلتها فإنه في هذه الحالة يفتى برأي من أجاز تأجير الأرض بما يخرج منها، بدون نظر إلى القيود التي ذكرها الفريق الآخر.