وهناك شرط ثالث فيما له أصل وله ثمر يجنى؛ وذلك الشرط هو أن يكون الشجر مما لا يخلف والإخلاف له معنيان، معنى في الشجر ومعنى في الزرع، فمعناه في الشجر هو أن ينبت بجانب الثمرة التي استوت قبل قطعتها شجرة أخرى جديدة مثمرة كالموز فإنه بعد أن تثمر شجرة الموز تنبت إلى جانبها شجرة أخرى تثمر قبل قطع الأولى وهكذا، ومعهناه في الزرع هو أن ينبت له خلف بعد قطعة كالبرسيم ونحوه مما تقدم، وحكم الشجر الذي يخلف بعد قطعه أنه لا تصح مساقاته لما فيه من الجهالة وعدم معرفة ما يتفرغ من الشجر الذي يخلف بعد القطع كشجر النبق وغيره (فإن معظم شجره ينبت ثانياً إذا قطع وبقي أصله) فإن المساقاة تصح عليه وحكم الزرع الذي يخلف أنه لا تصح عليه المساقاة كما ستعرفه. وأما القسم الثاني: وهو ماله أصل ثابت وليس له ثمر يجنى فإن المساقاة لا تصح عليه. واما القسم الثالث: وهو ماله أصل غير ثابت وله ثمر يجنى كالمقثاة وكذلك القسم الخامس وهو الخضر الرطبة فإنه لا تصح المساقاة عليها إلا بخمسة شروط: الشرط الأول: أن يكون مما لا يخلف مما لا يخلف بعد قطعة المساقاة في البصل والفحل والخس والجزر (والمقات) فإنها لا تنبت غيره بعد قطعه وكل ما يقلع من أصول ولا يترك أصله حتى ينبت ثانياً كالبرسيم والكراث والكزبرة والبقل ونحوها فإنه لا تصح عليها المساقاة. الشرط الثاني: أن يعجز صاحبه عن تمام سقيه وخدمته فإن أمكنه أن بخدم مقثأته وبصله وفجله فإنه لا يصح أن يتعاقد مع غيره على أن يتم له خدمته بجزء منه. الشرط الثالث: أن يخاف موته إذا لم يتعاقد مع غيره على سقيه. الشرط الرابع: أن يكون قد برز من الأرض ليكون شبيهاً بالشجر. الشرط الخامس: أن لا يكون صلاحه قد ظهر، فإن لم تتحقق هذه الشروط في ذلك القسم فإنه لا تصح المساقاة عليه. وأما القسم الرابع: وهو ماله أصل غير ثابت ولكن له زهر وورق ينتفع به كالورد والياسمين فإنه كالشجر فلا يشترط فيه عجز صاحبه عن سقيه وإنما يشترط فيه الشروط التي ذكرت أولاً في الشجر واختلف في القطن الذي يجنى مرة بعد أخرى وكذلك العصفر فقيل إنه يشترط فيه الشروط الخمسة المتعلقة بالزرع وهو الراجح وقيل هو كالشجر فلا يشترط فيه سوى شروط الشجر. ولا يشترط في المساقاة أن يكون الزرع محتاجاً للسقي فلو فرض وكانت الأرض ندية والشجر يشرب بعروقه منها بدون حاجة إلى سقي فإنه يصح عقد المساقاة لأن الشجر يحتاج إلى خدمة كثيرة غير