للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فالغرض من
ذلك العقد هو الاشتراك في الربح ومن أجل ذلك عرفوه بأنه عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الجانبين وعمل من الآخر.
ولكن المضارب له أحوال يختلف معها حكم المضاربة، ولهذا قالوا: إن حكم المضاربة بتنويع إلى أنواع:
أحدهما: أن المضارب عند قبض المال وقبل الشروع في العمل يكون أميناً وحكم الأمين أن يكون المال أمانة في يده يجب عليه حفظه ورده عند طلب المالك وليس عليه الضمان إذا فقد منه.
ثانيهما: أنه عند الشروع في العمل يكون المضارب وكيلا وحكم الوكيل أنه يقوم مقام موكله فيما وكل فيه ويرجع على صاحب المال بما يلحقه من التعهدات المالية المتعلقة بوكالته. ومن أحكامه أنه لا يجبر الوكيل على العمل فيما وكل فيه إلا في دفع الوديعة، كأن قال رجل لآخر: وكلتتك في دفع هذا الثوب المودع عندي لفلان فإنه إذا غاب الموكل على دفع الثوب لصاحبه وعقد الوكالة ليس لازماً فإن لكل منهما أن يتجلى عنه
بدون إذن صاحبه.
ثالثهما: انه عند حصول الربح يكون حكم المضارب كالشريك في شركة تاعقود المالية، وهي أن يكون لكل من الشريكين حصة معينة من الربح الناتج الآتية لأن المفهوم الآتي مشترط فيه أن يدفع كل واحد من الشريكين رأس مال.
رابعهما: إذا فسدت المضاربة يكون حكم المضارب حكم الأجير بمعنى أن الربح جميعه يكون لرب المال والخسارة تكون عليه وللمضارب أجر مثله سواء ربح المال أو خسر خلاف، والصحيح أنه إذا عمل في المضاربة الفاسدة فلا أجر له إذا لم يربح لأنه إذا أخذ أجراً مع عدم الربح الفاسدة
تكون الفاسدة أروج من الصحيحة إذ من الصحيحة إذ ليس له شيء إذا
لم يربح في الصحيحة فكيف يستحق في الفاسدة مع عدم الربح؟
خامسهما: إذا خالف المضارب شرطاً من الشروط يكون غاضباً. وحكم الغاضب أنه يكون آثماً ويجب عليه رد المغصوب شرطاً من الشروط يكون غاصباً. وحكم الغاصب أنه يكون آثماً ويجب عليه رد المغصوب وعليه ضمانه وقد اغترض جعل الوجه الثالث والرابع من أحكام المضاربة وذلك لأن اعتبار المضارب أجيراً للشروط ومتى خالف فقد نقص العقد فكيف يصح جعل الغضب من أحكامها وقد أجيب بأنهما من أحكام الفاسدة؟ ولكن هذا الجواب لا ينفع في مسألة الغصب لأن حكم الإجارة الفاسدة وهو أن يكون للمضارب أجر مثله وليس للغاصب أجر،
على أن الكلام في أحكام المضاربة الصحيحة، فالظاهر أن ذكر هذين الأمرين من الأحكام مبنى على التسامح.
سادسهما: أنه إذا شرط أن يكون الربح كله للمضارب كان قرضاً فإذا قبض المال وعمل فيه على هذا الشرط يكون مسؤولاً عنه وحده فله ربحه وعليه خسارته وإذا فقد منه كان ضامناً له ويجب عليه رده
لصاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>