الشافعية قالوا: فرائض الغسل اثنان فقط، وهما النية، وتعميم ظاهر الجسد بالماء، فأما النية فيجب أن تكون عند أول مغسول، بحيث لو قدمها قبل غسله أول عضو من بدنه بطل الغسل، كما تقدم في "الوضوء" فارجع إليه إن شئت؛ وأما تعميم ظاهر الجسد فإنه يشمل الشعر الموجود على البدن، ويجب غسله ظاهراً وباطناً؛ لا فرق في ذلك بين أن يكون الشعر خفيفاً أو غزيراً، على أن الواجب هو أن يدخل الماء في خلال الشعر، ولا يجب أن يصل إلى البشرة إذا كان غزيراً لا ينفذ منه الماء إلى البشرة؛ ويجب نقض الشعر المضفور إذا منع ضفره من وصول الماء إلى باطنه؛ لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة؛ فإن كان الشعر متلبداً بطبيعته بدون ضفر فإنه يعفى عن إيصال الماء إلى باطنه، ويجب أن يصل الماء إلى كل ما يمكن إيصاله إليه بلا حرج، حتى لو بقي جزء يسير من البدن لم يصبه الماء بطل الغسل؛ ويجب أن يعم الماء تجاويف البدن، كعمق السرة وموضع جرح غائر، ونحو ذلك، ولا يكلف بإدخال الماء إلى ما غار من بدنه بأنبوبة، بل المطلوب منه أن يعالج إدخال الماء بما يستطيعه بدون تكلف ولا حرج، ويجب أن يزيل كل حائل يمنع وصول الماء إلى ما تحته، من عجين وشمع وقذى في عينه - عمّاص - كما يجب أن ينزع خاتمه الضيق الذي لا يصل الماء إلى ما تحته إلا بنزعه، ويجب على المرأة أن تحركه قرطها الضيق - حلقها - وإذا كان بأذنها ثقب ليس فيه قرط، فإنه لا يجب إيصال الماء إلى داخله، لأن الواجب عندهم إنما هو غسل ما ظهر من البدن، والثقب من الباطن لا من الظاهر، ويجب غسل ما ظهر من صماخي الأذنين - الصماخ هو خرق الأذن - أما داخلها، فإنه لا يجب غسله، وكذا يجب إيصال الماء إلى ما تحت القلفة - القلفة هي الجلدة الموجودة في قُبُل الرجل قبل أن يختن - فإذا لم يمكن غسل ما تحتها إلا بإزالتها، فإن إزالتها تجب، وإن تعذرت إزالتها يكون حكمه كحكم من فقد الماء والتراب الذي يتيمم به، ويقال له: فاقد الطهورين، وإذا مات الأقلف يدفن بلا صلاة عليه على المعتمد؛ وبعضهم يقول: يقوم شخص بتيميمه، ويصلي عليه، وبذلك تعلم أن الاختنان واجب عند الشافعية وهو من مقتضيات الصحة في زماننا فمن لم يختن فهو جاهل قذر. الحنابلة قالوا: فرض الغسل شيء واحد، وهو تعميم الجسد بالماء، ويدخل في الجسد الفم والأنف، فإنه يجب غسلهما من الداخل، كما يجب غسلهما في الوضوء، والشعر الموجود على البدن يجب غسله ظاهراً وباطناً، بحيث يدخل الماء إلى داخله. وإن لم يصل إلى الجلد إذا كان غزيراً ويجب على الرجل إذا ضفر شعره أن ينقضه حال الغسل، أما المرأة فإنها لا يجب عليها نقض ضفائر شعرها في الغسل من الجنابة لما في ذلك من مشقة وحرج، بل الواجب عليها تحريك شعرها حتى يصل الماء إلى جذوره - أصوله - نعم يندب لها أن تنقض ضفائرها فقط. هذا في الغسل من الجنابة، أما في الغسل من الحيض فإنها يجب عليها أن تنقض ضفائر شعرها وذلك لأنه لا يكرر كثيراً، فليس فيه حرج ومشقة، ويشمل ظاهر البدن داخل القلفة، وقد تقدم بيانها إذا