وأما شركة العنان فهي أن يشتركا على أن لا يتصرف أحدهما إلا بإذن صاحبه فإن كل واحد مهما آخذ صاحبه يمنعه إذا أراد حتى لو تصرف أحدهما بدون إذن الآخر كان له رده. وإذا اشترطا أن يكون لأحدهما التصرف المطلق دون الآخر فقيل إنها تكون عناناً في المقيد ومفاوضة في المطبق. وقيل تفسد وهو الظاهر. وأما شركة العمل (وهي المعروفة شركة الأبدان في بعض المذاهب) فهي أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا معاً ويقتسمان أجرة عملها بنسبة العمل بشرط أن تكون الصنعة متحدة كحدادين. أو نجارين أو خياطين أو نساجين فلا يصح اشتراك حداد ونجار ولا اشتراك صانع ونساج نعم يصح اشتراك صانعين تتوقف صنعة أحدهما على صنعة الآخر كأن يشترك الذي يغوص في البحر لاستخراج اللؤلؤ مع صاحب الزورق الذي يحمله ويمسك له. وأن يتساويا في العمل بأن يأخذ كل واحد بقدر عمله من الغلة ويصح أن يزيد أحدهما على الآخر شيئاً يتعارفه الماس ويحصل التعاون بينهما ولو كانا بمجلين مختلفين (كدكاكين) وإذا كان لكل منهما آلة للبرادة أو الحدادة أو النجارة فإنه لا يجوز أن يعمل بها قبل أن يشتري كل منهما نصف ألته بنصف الأخرى حتى يكون لكل منهما نصف إحداهما ملكاً أصلياً والنصف الآخر بالشراء. وقيل يجوز والأول هو المعتمد. وأما شركة الذمم فهي عبارة على أن يتعاقد اثنان على أن يشتريا شيئاً غير معين بثمن مؤجل في ذمتها بالتضامن بمعنى أن كلاً منهما كفيل لصاحبه ثم يبيعانه وما خرج من الربح فهو بينهما. وأما شركة الوجوه عند المالكية فهي عبارة عن أن يتفق رجل ذو وجاهة مع رجل خمل لا وجاهة عنده على أن يبيع الوجيه تجارة الخمر لأن وجاهته تحمل الناس على الثقة به والشراء منه وله في نظير ذلك جزء من الربح وهي ممنوعة عندهم أيضاً لأن فيها تغريراً بالناس فإذا وقع ذلك فعلاً كان للوجيه أجر المثل أما المثل من اشترى من الوجيه فله رد السلعة وإمساكها بثمنها وإن كانت نفذت فإنها بالأقل من القيمة. وأما إذا وقع عقد شركة الذمم فإنه يعمل مع الشريكين بحسب ما اتفقا عليه من الربح.