الأمر الثاني: من الأمور التي تعلم بها المنفعة بيان العمل كالصياغة والصبغ والخياطة ونحوها فلا بد أن يعين الثوب الذي يريد صبغه، ولون الصبغ وقدره إذا كان يختلف ثقلاً وخفة وردائه وجودة. ومثل ذلك في البصياغة فلا بد من بيان الأسورة أو الخاتم وبيان الصناعة التي يريدها بحسب المتعارف في ذلك. وبالجملة فإنه يجب أن يبين في العقد ما يرفع الجهالة حتى لا يوجد نزاع بين المتعاقدين ومن ذلك ما إذا استأجر دابة فإنه يشترط بيان الغرض الذي استؤجرت له من جمل لأمتة لأو ركوب وبيان المدة وابمكان. فإذا لم يبين ذلك كانت الإجارة فاسدة ويجب أجر المثل بحقيقة الانتفاع. الأمر الثالث: الإشارة كنقل هذا القمح من مكان ذكا إلى مكان كذا لأنه إذا علم المنقول والمنقول إليه صارت المنفعة معلومة. ومن شروط صحة الإجارة بيان محل المنفعة فلو كان لأحد داران فقال: أجرتك إحدى هاتين الدارين من غير تعيين للمحل الذي يعينه فإن الإجارة لا تصح. واعلم أن العقد وإن المقصود منه إلا أن الراجح أنه ينبغي أن لا يضاف العقد إلى المنفعة فلا يقال أجرتك منلفع هذه الدار وهو يتضمن المنفعة لأنه لا معنى للاجرة إلا الانتفاع بالعين أما المنفعة فهي معدودة غير موجودة فالعقد عليها قبل وجودها عقد على معدوم. نعم قد يقال إن إضافة المنفعة إلى الدار تاتي بهذا الغرض، ولكن الأرجح في العقود أن تكون بعيدة عن التأويل ثم إن المنفعة التي تصح إجارتها هي المنفعة التي لا يترتب عليها استهلاك نفس العين أو استهلاك شيء متولد منها فلا تصح استئجار النقود لأنه لا ينتفع بها إلا باستهلاكها كما لا يصح استئجار الشجرة للانتفاع بثمرتها أو البقر لشرب لأن اللبن والثمر أعيان ولا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاكها. وأما شروط اللزوم فمنها أن يكون العقد صحيحاً فلا سيلزم العقد الفاسد وأن لا يكون بالشيء المستأجر عيب مرتباً للمستأجر وأن يكون سليماً عن حدوث عيب يخل بالانتفاع فإذا استأجر جملاً للحمل عليه مدة ثم حدث به فيه مرض يقلل الأنتفاع به فإن العقد لا يكون لازماً وللمستأجر فسخه. ومنها أن لا يحدث عذر لأحد العاقدين فإذا حدث عذر شرعي فإن العقد لا يكون لازماً. ومنها عدم بلوغ الصبي المستأجر إذا أجره أبوه أو وصيّ أبيه أو جده أو القاضي أو أمين القاضي فإذا بلغ لا يكون العقد لازماً.