أما الركن الرابع وهو المنفعة فهي ما يقابل الذات فلا يمكن أن يشار إليها إشارة حسية استقلالاً وإنما يشار إليها كذلك تبعاً للذات المتعلقة بها على أن لاتكون متعلقة بجزء الذات وأن يكون الحصول عليها ممكناً مثال ذلك السكنى المتعلقة بالدار فإنها لا يمكن الإشارة إليها إشارة حسية استقلالاً بدون إضافة إلى الدار وهي متعلقة بكل الدار أما إذا تعلقت بجزء من عين لا يمكن قسمتها كمنفعة جزء شائع في دابة فإنها لا تكون منفعة معتتبرة كالصفات المعنوية القائمة بالحيوان والإنسان مثل الحياة والقدر فإنه لا يصح استئجاره من اجلها لأنها منافع خاصة به لا يمن أخذها منه. وأما تاصيغة فيشترط فيها الشروط المتقدمة في البيع وقد ذكرت موضحة فارجع إليها إن شئت. ويشترط شروط (أحدهما) أن تكون لها قيمة فلا تصح شيء له منفعتها تافهة لا قيمة لها كالإيقاد من النار ونحو ذلك مما سيأتي بيانه فيما يجوز إجازته وما لا يجوز. ثانيهما أن تكون المنفعة مقدوراً على تسليمها حساً أو شرعاً فمثال الأول إجازة أرض للزراعة ولم يصل إليها ماء أو كانت غير صالحة للزراعة فإن المنفعة فيها غير مقدور على تسلميها أما الأرض التي غمرها الماء فإنه يمكن أن ينكشف عنها ولو نادر فإنه يصح إجازتها من غير نقد فإذا انكشف عنها وإلا فلا أما الذي لا أمل في انكشاف الماء عنها فإن إجارتها ليتعدى على آخر بالضرب أو ليعصر الخمر فإن كل ذلك لا يجوز شرعاً. ثالثهما أن يمكن استيفاء المنفعة بدون استهلاك شيء من العين المستاجرة أو من عين أخرى متولدة قصداً. مثال ذلك ان يستاجر بقرة ليشرب لبنها فإذا قال شخص لآخر استأجرت بقرتك مدة الشتاء بجنيهين لآخذ لبنها وقبل الآخر فإن العقد يفسد وكذا إذا قال له: اشتريت لبن البقرة مدة الشتاء بتكاليفها فغن هذا لا يصح، اما في الأجرة فلأن العقد تضمن استهلاك عين متولدة من العين المستاجرة وهي اللبن المتولد من البقرة فغن المنفعة لا تتحقق إلا باستهلاك اللبن، واما في الشراء فلأنه يلزم عليه شراء اللبن في الضرع وهو ممنوع على أن بيع اللبن في الضرع أواستأجار الحيوان المترتب عليه استهلاك اللبن ليس بمننوع مطلقاً وإنما هو ممنوع إذا لم تتحقق فيه شروط الجواز وبيان ذلك أن شراء اللبن في الضرع إما ان يكون جزافاً من غير كيل وإنما أن يكون بكيل، فمثال الأول أن يقول سخص لآخر يملك أغناماً كثيرة: إنني اشتري منك لبن عشرة أغنام او خمسة مدة شهر بكذا. ومثال الثاني: أن يقول له: إنني أشتري منك بمائة رطل من اللبن آخذ منها خمسة أرطال.