والغرض من ذلك رفع اللبس والإبهام حتى لا يقع نزاع بين المتعاقدين ولهذا اشترطوا فيمن استأجر دابة أو راحلة ليركبها بيان قدر السير الذي في الليل والنهار إلا إذا كان للناس في مثل ذلك عرف متبع فإنه يعمل به إلا إذا اشترط أحدهما ما يخالف العرف فإنه يعمل بالشرط. ولا فرق في ذلك بين أن تكون معينة أو غير معينة. وكذلك يشترطا بيان الشيء الذي يريد أن يحمله على الراحلة أو على الدابة إن كان غائباً ورؤيته أو جسه باليد إن كان حاضراً. وبيان جنسه إن كان مكيلاً. ومن أجل ذلك قالوا: لاتصح من الجهالة دابة بعلفها ولا إجارة دار مدة معينة بالإنفاق لما في ذلك على عمارتها لما في ذلك من الجهالة. فينبغي في مثل ذلك أن تقدر العمالة أو قيمة الإنفاق على الدابة ويجعل المبلغ أجرة. ثم يأذن المالك لمستأجر في إنفاق هذا المبلغ في علف الدابة بشرط أن يكون هذا الإذن خارج العقد وهذه حيلة يصح العمل بها. وكذلك قالوا: تأجير العامل بما يحصل من عمله. فلا يصح تأجير الجزار بجلد الشاة التي يسلخها لأن حال الجلد قبل السلخ مجهول. فيجوز أن يكون رقيقاً أو ثخيناً أو به عيب ينقص قيمته. وكذلك لا يصح تأجير الطحان ببعض ما يطحنه من الحبوب كربع أو قدح من الدقيق الناتج من لعد التحليل مجهول بالنسبة لما به من النخالة فيجوز أن تكون النخالة كثيرة ويجوز أن تكون يسيرة والباقي بعد التحليل مجهول أيضاً فإن الأجرة المعينة كالدقيق المأخوذ من هذا القمح يشترط فيه القدرة على التسليم حال العقد. وهنا ليس كذلك لأن القمح لا يمكن تسليمه دقيقاً قبل طحنه. هذا ينافي شرط القدرة على تسليمه. ومثله جلد الشاة فإنه مقدور على تسلينه. وقد يرد على هذا أنهم لأجازوا للشخص أن يستأجر من يحج عنه بالنفقة وهي مجهولة. والجواب أن أمر الحج ليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الجعالة فهو قد جعل له الانفاق عليه مقابل الحج عنه. وأما المنفعة: فيشترط فيها شروط: منها: أن تكون لها قيمة فلا تصح الإجارة على منفعة كأن يستأجر أشجاراً ليجفف الثياب أو آنية ليزن بها الدكان أو نحو ذلك كما تقدم. ومن ذلك ما إذا استأجر شخصاً لنادي له بكلمة تروح سلعته كالدلال إلا إذا تكلم كثيراً وعمل أعمالاً يستحق عليها الأجرة كالانتقال من مكان إلى مكان وعروض السلعة في كل مكان وتكرار النداء على بيعها ونحو ذلك. أما مجرد كلمة أو كلمتين فإنه لا يستحق عليها أجراً واو كانت الكلمة سبباً في بيع السلع. فما