للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أن يفتتح أمراً من الأمور الهامة - ذات بال - بالتسمية، فإنه يجوز للجنب في هذه الحالة أن يأتي بالتسمية مع كونها قرآناً، ثانيهما: أن يقرأ آية قصيرة ليدعو بها لأحد، أو ليثني بها على أحد، كأن يقول: {رب اغفر لي ولوالدي} أو يقول: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} ونحو ذلك؛ وكذلك يحرم على الجنب دخول المسجد، إلا للضرورة، والضرورة في مثل هذا تقدر بما يناسب، فنها أن لا يجد ماء يغتسل به إلا في المسجد، كما هو الشأن في بعض الجهات ففي هذه الحالة يجوز له أن يمر بالمسجد إلى المحل الموجود فيه الماء ليغتسل، ولكن يجب عليه أن يتيمم قبل أن يمر، ومن ذلك ما إذا اضطر إلى دخول المسجد خوفاً من ضرر يلحقه، كما يقول المالكية، وعليه في هذه الحالة أن يتيمم.
والحاصل أن تيمم الجنب بالنسبة لدخول المسجد تارة يكون واجباً، وتارة يكون مندوباً فيجب عليه أن يتيمم في صورتين، الصورة الأولى: أن تعرض له الجنابة، وهو خارج المسجد ثم يضطر لدخول المسجد، وفي هذه الحالة يجب عليه التيمم، الصورة الثانية: أن ينام في المسجد وهو طاهر، فيحتلم، ثم يضطر للمكث به لخوف من ضرر، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يتيمم فالتيمم لا يجب عليه إلا في هاتين الصورتين، وما عداهما فإنه يندب له التيمم. فيندب لمن عرضت له جنابة في المسجد، وأراد الخروج منه أن يتيمم، أو اضطرته الضرورة إلى الدخول وهو جنب؛ ولم يتمكن من التيمم ثم زالت الضرورة، وخرج، فإنه يندب له أن يتيمم، كي يمر به وهو متيمم، وعلى كل حال فإن هذا التيمم لا يجوز أن يقرأ به، أو يصلي به.
هذا، وشطح المسجد له حكم المسجد في ذلك كله، أما فناء المسجد - حوشه - فإنه يجوز للجنب أن يدخله بدون تيمم، ومثله مصلى العيد والجنازة، والخانقاه - متعبد الصوفية - فإنها جميعها لها حكم المسجد، أما المساجد التي بالمدارس، فإن كانت عامة لا يمنع أحد من الصلاة فيها، أو كانت إذا ألقت تتكون فيها جماعة من أهلها، فهي كسائر المساجد، لها أحكامها، وإلا فلا.
الشافعية قالوا: يحرم على الجنب قراءة القرآن، ولو حرفاً واحداً، إن كان قاصداً تلاوته، أما إذا قصد الذكر، أو جرى على لسانه من غير قصد، فلا يحرم، ومثال ما يقصد به الذكر أن يقول عند الأكل: بسم الله الرحمن الرحيم، أو عند الركوب: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} ، كما يجوز لفاقد الطهورين أن يقرأ القرآن في صلاته التي أبيحت له للضرورة، وهي صلاة الفرض، وكذلك الحائض أو النفساء، أما المرور بالمسجد، فإنه يجوز للجنب والحائض والنفساء من غير مكث فيه، ولا تردد بشرط أمن عدن تلوث المسجد، فلو دخل من باب وخرج من آخر جاز، أما إذا دخل وخرج من باب واحد، فإنه يحرم؛ لأنه يكون قد تردد في المسجد، وهو ممنوع، إلا إذا كان يقصد الخروج من باب آخر غير الذي دخل منه، ولكن بدا له أن يخرج منه، فإنه لا يحرم، ويجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمكث في المسجد لضرورة، كما إذا احتلم في المسجد؛ وتعذر خروجه منه لغلق أبوابه، أو خوفه على نفسه أو ماله، لكن يجب عليه التيمم بغير تراب المسجد إن لم يجد ماء أصلاً؛ فإن وجد ماء

<<  <  ج: ص:  >  >>