النوع الثالث: إجارة المراضع والقياس عدم جوازها وإنما جازت استحساناً وذلك لأنك قد عرفت مما مضى أن الإجارة إنما ترد على استهلاك المنفعة لا على استهلاك العين والإجارة هنا ترد على استهلاك اللبن كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها وإنما استثنى المراضع لحاجة الناس إلى هذا ولمصلحة الصغير وتصح أجرتها بطعامها وكسوتها ولها عند النزاع كسوة وطعام الوسط. ولزوجها أن يطأها وهي مرضعة في بيته لا في بيت المستأجر إلا إذا رضي المستأجر بأن يخلو بها في بيته. وللزوج أن يفسخ إجارتها مطلقاً سواء كان يتعير بتأجيرها أم لا. وللمستأجر أم يفسخ الإجارة بحيل المرضعة ومرضها وفجورها ظاهراً لا يكفرها لأنه لا يضر بالصبي. وعليها أن تفعل مع الصبي ما جرت به العادة من غسل ودهن وتنظيف ثياب ونحو ذلك ولا يلزمها شيء من نفقات ذلك وأجرتها على الوالد الصبي إن لم يكن له مال وإلا ففي ماله. القسم الخامس: استئجار الثياب والحلي والأمتعة والخيام ونحو ذلك فللإنسان أن يستأجر ثوباً ليلبسه أياماً معلومة فإن فعل فله أن يستعمله بما قضت به العادة والعرف بالنسبة لحالة الثوب فغن كان قيماً فلا يصح أن يلبسه بالليل ولا أن ينام بل يستعمله قياماً أعد له فإن نلم فيه فتخرق عليه ضمانه وإذا ألبسه لغيره فضاع أو تخرق كان ضامناً له. أما إذا اشترط أن ينصبها في داره فنصبها في جهة أخرى في البد نفسها فلا ضمان عليه إذا كانت الدار مماثلة لداره. أما كانت مكشوفة تنزل فيها الشمس أو المطر فيضر القماش فإنه يضمن. وإذا استأجرت المرأة حلياً معلوماً إلى الليل لتلبسه ثم حبسته أكثر من يوم وليلة تكون غاضبة عليها الضمان وهذا إذا طلب منها ولم تدفعه لأصحابه. أما إذا حفظه بأن وضعته في مكان لا يلبس فيه عادة فإنه لا ضمان عليها. هذا ومما ينبغي التنبه له أن كل عين مستأجرة من حيوان أو متاع أو دار إذا فسدت بحيث لا يمكن الانتفاع بها سقط الأجر عن المستأجر من حين فسادها وعليه أجر مانتفع به مما مضى فإذا كان ساكناً بمنزل ثم تخرب في خلال الشهر فخرج منه عليه أن بدفع أجر الأيام التي قضاها من الشهر وإن اختلفا فيها فقال الساكن: إنها عشرة وقال المالك: إنها عشرون يحكم في ذلك حال المنزل والذي يشهد له من علامات الخراب يعمل بقوله. وأما الأعيان التي لا يصح استئجارها باتفاق فمنها نزو الذكور من الحيوانات على إناثها فلا يحل