أما إذا قال له أن تبيع لي النصف الثاني في هذه البلدة التي حصل العقد أو في بلد قريب منها فإنه يصح وذلك لأنه في الحال الأولى يكون قد اشترى معيناً وهو نصف الدار ولم يتمكن من قبضة إلا بعد بيع النصف الثاني في بلد يبعد عن محل العقد أكثر أيام وذلك ممنوع. أما في الحالة الثانية وهي إذا كان محل البيع في البلد أو في بلد يصح تأجير القبض إليها بأن كانت مسافتها ثلاثة أيام فأقل فإنه يصح ولكن يشترط في هذه الحالة أن يجعل العاقدان للبيع أجلاً معلوماً بأن يقول على أن تبيع لي النصف الثاني بعد شهر مثلاً حتى في المسألة بيع وإجارة. أما البيع فلأنه قد باع نصف الدار بثمن معلوم. وأما الإجارة فلأنه قد اجره على أن يبيع له الثاني في وقت كذا وذلك جائز لأنه يصح أن يجتمع البيع والإجارة في عقد واحد. أما إذا لم يؤجلا فيجتمع في المسألة بيع وجعالة فكأن قال بعتك النصف بمائة على أن يكون هذا البيع جعلاً لبيع النصف الثاني وهو ممتنع وذلك لأنك التأجيل بعين الإجارة إذ الجعالة يفسدها التأجيل. وإذا باع شيئاً مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً كأن أعطاه عشرين إردَبّاً من القمح وباع له إردَبّين منها بجنيه وسمسرة على بيع باقيها في خمسة أيام فيكون له نصف أجرة السمسرة فيرد نصف الإردَبّ الذي جعل في مقابل السمسرة ويحتمل أن يبيعها في آخر يوم من العشرة أو بعد العشرة فلا يريد شيئاً فقد ترددت أجرة السمسرة وهي الإردَبّ بين كون بعضه إجارة وبعضه سلفاً يرده غير جائز. وإذا اشترط المشتري إنه باع النصف الثاني لا يرد شيئاً من الأجرة فإنه يصح. فتحصل من ذلك أنه لا يجوز أن يبيع شخص لآخر سلعة بثمن معين وأجرة سمسرة على بيع النصف الثاني إلا بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يعين محل البيع بأن يكون في بلد لا تبعد عنه أكثر من ثلاثة أيام. الثاني: أن يجعل لبيع النصف الثاني أجلاً. الثالث: أن يكون المبيع مثلياً لا يعرف فإذا تحققت هذه الشروط صح لأنه يكون بيع وأجرة وهو جائز وإلا فلا.