ومثل ذلك ناظر الوقف فإنه لا يجوز له أن يستأجر ما أجره لغيره لأن فيه تهمة أنه فعل ذلك ليستولي على العين وينتفع بها فأجرها بأجرة زهيدة للغير ليأخذها منه بذلك. ومها: لأنه يجوز أن يستأجر دابة، أو داراً إلى مدة معينة بأجرة معلومة بشرط أنه إن استغنى عنها أثناء هذه المدة سلمها لصاحبها وحاسبه لقدر المدة التي استعملها فيها إن كانت داراً، أو المسافة التي قطعتها بها إن كانت دابة. هذا وإن كانت المنفعة التي باعها المالك مجهولة فيه لعدم بيان المدة إلا أن الجهالة فيها يسيرة فإن المعتاد أن الذي يستأجر شيئاً من ذلك إنما يعمل حسابه فلا يستغني عنه غالباً، وإن استغنى عنه فإنما يستغني عنه في أخريات المدة فيتغفر تسهيلاً للتعامل. ولكن يشترط أن لا يدفع المستأجر للمالك الأجرة لأنه إن دفعها له يحتمل أن يرجع بعضها إن لم يستوف المدة، ويحتمل أن لا يرجع إن استوفاها. فيكون تارة أجرة، وتارة سلفاً وهو ممنوع. ومنها: أنه يجوز للمالك أن يؤجر الشيء الذي استأجره مدة تلي مدة الإجارة فإذا أجره داره سنة ولم تنته جاز له أن يؤجرها مدة أخرى تبتدئ بعد نهاية السنة لا فرق في ذلك بين أن يؤجرها للمستأجر الأول أو لغيره. ومنها: أنه يجوز للمالك أن يبيع أرضاً على أن تبقى نتفعتها أو أكثر أو أقل ويسلمها للمشتري بعد نهاية تلك المدة. فللمشتري في هذه الحالة أن يؤجرها قبل أن يستلمها على أن تبتدي مدة الإجارة عند نهاية مدة المنفعة التي اشترطها البائع. ولكن يشترط لجواز تأجيرها أن يغلب على تأجيرها وما لا يصح تأجيره فلا يصح دفع أجرته مقدماً طبعاً. أما ما يغلب الظن بقاؤه فإنه يصح دفع الأجرة مقدماً وإذا احتمل الأمران على السواء فقيل يجوز العقد لا النقد وقيل لا يجوز. وللبائع أن يشترط الانتفاع بسلعته التي باعها عام فأقل إذا كانت داراً ونحوها والانتفاع بها مدة طويلة واو سنين إذا كانت أرضاً أما إذا كانت حيواناً فإنه لا يصح أن يشترط الانتفاع به أكثر من ثلاثة أيام. ومنها: أنه يجوز أن يستأجر شخص أرضاً على أن يبنيها مسجداً مدة السنين فإذا انقضت المدة ردم البناء وأخذ الثاني انقاضه وتعود الأرض ملكاً لصاحبها ولا يجبر أحدهما على بقاء ما يخصه. ومنها: أنه يجوز الاستئجار على طرح ميتة ونحوها من النجاسات كالمواد البرازية وإن كان فيه مباشرة للنجاسة.