للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ولا تصح الوكالة في المعاصي كالسرقة والظهار كأن يقول له: وكلتك في أن تظاهر من امراتي فإن الظهار منكر من القول وزور فإذا قال زوجة موكلي عليه أمه لا يصح الظهار.
وبعضهم يقول: إن هذا كالطلاق إذ لا فرق بين ذلك وبين امرأته موكلي طالق فإن كلاً منهما إنشاء كالبيع والنكاح فيصح التوكيل فيهما. وهل التوكل في طلاق محرم كما إذا قال له: وكلتك في طلاق زوجي وهي حائض مثل الظهار فلو طلقها الوكيل لا يقع به الطلاق أو لا؟ خلاف فبعضهم يقول: إنه لا يقع لأنه توكيل على معصية.
وبعضهم يقول: إنه يقع الطلاق في نفسه ليس بمعصبة وإنما حرمته عارضة بسبب الحيض وهذا الخلاف فيما إذا وكله في أن يطلقها حال الحيض. أما إذا وكله في أن يطلقها مطلقاً فطلقها الوكيل حال الحيض فغن طلاقه يقع على الموكل اتفاقاً لأن أصل التوكيل لم يكن على معصية. وحاصل ما تقدم أن الأفعال التي كلف الشارع بها الناس تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما كان لمصلحة تتعلق بخصوص الفاعل بحيث لو باشر الفعل غيره فأتت المصلحة التي شرع من أجلها فهذا تمنع النيابة قطعاً وذلك كالإيمان بالله تعالى فإن الغرض من التصديق بالإله العبودية له وإجلاله وتعظيمه وذلك أمر خاص بالشخص نفسه ومصلحته ترجع إليه بخصوصه فلا يصح أن ينيب فيه غيره.
ومثل ذلك الصلاة والصيام فإنهما ما شرعا إلا لتعظيم الله وإجلاله وإظهار العبودية له تعالى وذلك لا يكون إلا من الشخص نفسه فلا يصح أن ينيب غيره فيه.
وكذا حلف اليمين فإنه ما شرع إلا للدلالة على صدق المدعي وذلك لا يحصل بحلف غيره فلا تصلح النيابة. وكذا النكاح بمعنى الوطء فإن الغرض منه إعفاف النفس عن الفاحشة والمحافظة على الأنساب وذلك لا يحصل بفعل الغير فلا يصح له أن ينيب غيره فيه بخلاف النكاح بمعنى العقد فغن الغرض منه تحقيق سبب إباحة الزوج وهذا السبب بتحقيق مباشرة الشخص بنفسه وبمباشرة وكيله بدون أن تفرت مصلحته الخاصة.
القسم الثاني: ما كانت المصلحة تتعلق بتحقيق الفعل بقطع النظر عن الأشخاص وذلك كرد المغضوب والعارية وقضاء الديون وتفريق الزكاة وإيصال الحقوق لأهلها فإن الشارع طلب من المكلف فعل هذه الأشياء لما فيها من المنافع فمتى وجد الفعل فقد تحققت المصلحة سواء كانت لفعل المكلف أو بفعل وكيله حتى ولو لم يشعر المكلف بفعلها.
القسم الثالث: ماكان مشروعاً لمصلحة تتردد بين الفعل من جهة وبين الفاعل من جهة كالحج فإنه شرع لأمرين:
أحدهما تعظيم الله تعالى وإجلاله والخضوع له وهذه المصلحة متعلقة بالفاعل لا تحصل من سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>